اعلام المكتبة المركزية / المهندس مهند
المقدمة
أما عن الأطروحة؛ فقد احتوت على تمهيد وثلاثة فصول، وخاتمة؛ وقد شكل التمهيد الإطار التعريفي للمصطلحات المهمة المتعلقة بالدراسة، إذ جاء في أربعة مداخل تنظيرية، وضحنا فيها تعريف الذات والآخر والموازنة والمقارنة والمفاضلة في المعنى والاصطلاح، ثم عرضنا لسيرة مقتضبة للشاعرين، ومن ثم دلفنا إلى مفهوم الذات لغة واصطلاحا، كذلك حاولنا ربط هذا المفهوم ببعض المفاهيم الأخرى كالأنا والذاتية، وأخيرا؛ ومن بعده كان حديثنا عن الآخر؛ المعنى والاصطلاح، ثم عرفنا الموازنة وما يقاربها، وكذلك المفاضلة والمقارنة لما لهذين المصطلحين من علاقة بالموازنة، وقد حاولنا في التمهيد استعراض آراء النقاد والمشتغلين باللغة قديما وحديثا حول جملة المفاهيم التي كان لها أكثر من مرادف اصطلاحي، وذلك بغية الوصول إلى المفهوم الأكثر وضوحا والأقرب إلى رؤيتنا التي أردنا استعراضها في هذه الدراسة. وأنهينا التمهيد بعرض سيرة مقتضبة للشاعرين. جاء الفصل الأول بعنوان "صور الذات عند ابن دراج القسطلي والأعمى التطيلي"، وقد احتوى هذا الفصل على مدخل وستة مباحث رئيسة، وقد كان المبحث الأول بعنوان "صورة الذات العاشقة"، وفيه حاولنا أن نبين كيف صور الشاعران الذات العاشقة، كذلك حاولنا المفاضلة بين الذاتين عند كل شاعر، وقد كانت تلك الذات أكثر حضورا عند الأعمى التطيلي منها عند ابن دراج القسطلي، لأسباب؛ أهمها أن الذات العاشقة قد برزت في قصائد كاملة، رغم اتفاقهما أحيانا فيما يخص اجتماع الذات العاشقة مع الحزن والمدح والفقد، كما جاء المبحث الثاني بعنوان "صورة الذات الحزينة" تلك التي برزت في ثلاثة أنماط عند الأعمى التطيلي؛ فجاءت مرتبطة بالحزن على الفقد أو الرثاء، وكانت أيضا إثر حزن على مخالفة تعاليم الإسلام، وأخيرا وجدناها حزينة بسبب الحسد، وقد اختلفت تلك الذات عند ابن دراج القسطلي؛ فهي عنده ممتزجة بتقدمه في السن، وفقدان الأحبة، واغترابه عن الوطن، أما المبحث الثالث؛ فقد كان عنوانه "صورة الذات الشاكرة" التي تجلت عند ابن دراج القسطلي في ثلاثة أنواع؛ فهي ذات شاكرة للانتصار، وذات شاكرة للازدهار الاقتصادي، وذات شاكرة في مطلق الشكر. أما الذات نفسها عند الأعمى التطيلي فقد جاءت شاكرة للعطايا، وشاكرة معاتبة في الوقت نفسه، وشاكرة الله؛ ولم نرَ اتفاقا بين الشاعرين فيما يخص الذات الشاكرة سوى في الشكر للعطايا والهبات، وكلٌ تميز أو تفرد عن الآخر بذاتين شاكرتين مختلفتين عن الآخر، وجاء المبحث الرابع بعنوان "صورة الذات المتأملة أو الآملة والحكيمة" فأردنا أن نبين فيه أن الأعمى التطيلي قد تميز بكتابته الكثير من الأبيات المليئة بالحكمة ما يجعلنا نعد تلك الذات من أقوى صور الذوات حضورا وبروزا من الناحية الكمية والكيفية في الوقت نفسه. هذا بخلاف ما قدمه ابن دراج القسطلي فيما يخص صورة الذات المتأملة؛ فالتأمل عند ابن دراج القسطلي يرتبط فقط بصور ثلاث، هي التأمل في مطلق الأشياء، وتأمل الحياة والقدر وتقلباته، وأخيرا تأمل الطبيعة لاسيما فيما يخص قدوم الربيع، والمبحث الخامس هو "صورة الذات المتسامية والفخورة" تلك التي كانت أكثر حضورا في شعر ابن دراج الذي جاءت فيه بصور ثلاث هي: افتخاره بجذوره العربية، وإكرام الضيف بوصفها شيمة عربية حميدة، وأخيرا الذات الفخورة المتشفية بانتصارها على الآخر. وتجلت عند الأعمى التطيلي في صورة واحدة، وهي افتخاره واعتداده بنفسه لقول الشعر، فابن دراج هو الأعلى سهمًا فيما يخص تجلي صورة الذات الفخورة في شعره، واختتم هذا الفصل بالمبحث السادس الذي جاء بعنوان "ذوات تفرد بها كل شاعر"، وفي هذا المبحث سوف نقدم الأعمى التطيلي على ابن دراج القسطلي، وذلك لأن لديه ثلاثة ذوات تفرد بها، بينما تفرد ابن دراج بذات واحدة، وذلك على الرغم من أن ابن دراج متقدم على الأعمى التطيلي زمنيا، فقد ولد سنة (382 ه)؛ بينما ولد الأعمى التطيلي سنة (525 هـ). أما الفصل الثاني؛ فقد عُنون بـ "صور الآخر عند ابن دراج القسطلي والأعمى التطيلي"، وقد جاء في ستة مباحث، وخُصص المبحث الأول للحديث عن "الآخر المرأة" ذلك الآخر الذي لم يلق اهتماما في شعر ابن دراج القسطلي بالقدر الذي لاقاه في شعر الأعمى التطيلي، أما المبحث الثاني فجاء بعنوان "الآخر المختلف عقديا" والذي جاء عند ابن دراج القسطلي مصورة بوصفه كافرا أو كفورا أعمى وضالا، كفورا وماكرا في الوقت نفسه، ومعاديا للذات الإلهية يُرجى رجوعه إلى الإسلام. أما الأعمى التطيلي؛ فقد صور ذلك الآخر في ثلاث صور أيضا؛ فهو الآخر المختلف عقديا (المعتدي)، والآخر المختلف عقديًا المجرم، والآخر المختلف عقديًا( الضال الكافر)، وجاء المبحث الثالث بعنوان "صورة الآخر المهزوم والمستلب" وفيه صور الأعمى التطيلي الآخر مهزوما ومستلبا وكان هذا الآخر أقل درجة منه عند ابن دراج القسطلي الذي برع في إبراز الصورة نفسها، وأكال لها الصفات السيئة التي رأى أن الآخر يستحقها؛ لذا فإن ابن دراج القسطلي لهو أعلى منزلة في تصوير الآخر المهزوم الذليل. وعنون المبحث الرابع بـ "صورة الآخر المعادي" وفيه حاولن أن نبرز تجلي تلك الصورة من خلال إبراز صورة الذات الجمعية في مقابلة الآخر العدو، وسنرى توازنا بين الشاعرين في هذا الغرض في هذا المبحث، فهما يتميزان بكثافة الصور التعبيرية التي تتجلى من خلالها صورة الآخر العدو، والمبحث الخامس بعنوان "صورة الآخر الصديق" وفيه نحاول أن نرصد صورة الآخر الصديق الضال الذي أصبح عدوا نتيجة ضلاله عند كلا الشاعرين، واختتم هذا الفصل بمبحث سادس جاء بعنوان "الصراع مع الآخر"، وهو المبحث الذي يعد بمنزلة خاتمة لهذا الفصل. أما الفصل الثالث فقد جاء في عنوان "تمظهرات الذات والآخر عند ابن دراج القسطلي والأعمى التطيلي"، وجاء في ثلاثة مباحث رئيسية، المبحث الأول "طبيعة الصورة الشعرية" وفيه نبحث كيف صور كل شاعر الذات سواء كانت ذاتا فردية أو جمعية، وعبر عنها بنظمه كما رسمها في مخيلته أو تواترت تلك الصورة في المخيلة الجمعية، كما هو الحال في كيفية التعبير عن صورة الآخر عندهما، والمبحث الثاني "ثقافة الرمز" وفيه حاولنا أن نبرز ثقافة الرمز في شعر الشاعرين بوصفه وسيلة غنية ومؤثرة في السياق الشعري، فوقع اختيارنا على نماذج تاريخية ودينية وسياسية لدى ابن دراج القسطلي والأعمى التطيلي أردنا من خلالها فك أغوار تلك الرموز وتحليلها تحليلا ثقافيا للوقوف على قيمتها وأثرها في شعر الشاعرين. أما المبحث الثالث فقد كان عنوانه "اللغة والإيقاع" وفيه نحاول معرفة ماهية اللغة التي امتلكها الشاعران وعبرا من خلالها عن خيالاتهما، كذلك عقدنا إحصاء لبحور الشعر التي استخدمها كل شاعر لمعرفة الإيقاع الشعري الأبرز لديهم، ثم الخاتمة وأهم النتائج.