اعلام المكتبة المركزية / المهندس مهند
المستخلص
تُعد دراسة الشخصيات من الموضوعات المهمة في دراسة التأريخ ولا سيما التأريخ الحديث والمعاصر، كونها تلقي بظلالها بمراحل مهمة على تاريخ أحداث عاصرتها تلك الشخصيات، التي تركت أثراً كبيراً لا يمكن اغفاله، ومن خلال هذه الدراسة نستطيع ان نتتبع ونتعرف على أبرز الاحداث التاريخية في مجالات متنوعة منها: السياسية والاقتصادية والاجتماعية لدول عظمى رسمت العديد من سياسات البلدان الأخرى، وقد أدت شخصية موضوع الدراسة دوراً مهماً في صنع القرار السياسي في الولايات المتحدة الأميركية داخلياً وخارجياً، إذ وصفت شخصية جورج هربرت واكر بوش واحدة من بين أبرز شخصيات الرؤساء الأميركيون تميزاً في الولايات المتحدة الأميركية في القرن العشرين، وقد برزت شخصيتهُ في ميادين متنوعة منها الاقتصادية والسياسية، فضلاً عن قيادته لحروب ومعارك أسهمت في تغيير الخريطة السياسية للعالم، فقد قَضَى بوش معظم حياته للخدمة العامة، أطلع وشارك خلالها على أحرج حقبة زمنية مرت فيها بلادهُ، ابتداءً من دخول الولايات المتحدة للحرب العالمية الثانية ومشاركته في تلك الحرب، ومن ثم كان شاهداً على انطلاق الحرب الباردة ما بين القطبين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي، تولى خلالها أبرز المناصب الحزبية والدبلوماسية والاستخباراتية والسياسية خلال تلك الحقبة، مما جعله يمتلك خبرة كبيرة في التعامل مع الأزمات التي تواجهه عندما اعتلى منصب رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، إذ شهدت رئاسة بوش على مستوى سياسته الداخلية أزمات اقتصادية كبيرة، لا سيما العجز الكبير الذي عانت منه الميزانية المالية، وما سببته من ارباك وحرج كبير لإدارته، الى جانب المشكلات الاجتماعية التي هزت أركان المجتمع الأميركي، تخللها صراع كبير بين إدارتهِ والكونغرس الأميركي ذي الأغلبية الديمقراطية، بينما شكلت تعييناته لمجلس وزرائه جدلاً واسعاً بين الأوساط السياسية والاعلامية التي عارضت بشدة تمرير تعيين بعض اعضاء إدارته، وكانت بمثابة انطلاقة لبداية الصراع مع أعضاء الحزب الديمقراطي في الكونغرس، المعارضين لبعض الشخصيات المختارة من لدن الرئيس بوش.
على الرغم من أن إدارة الرئيس بوش استمرت لمدة ولاية واحدة فقط(1989-1993)، لكنها كانت حافلة بالأحداث بشكل غير عاديّ لا سيما على المستوى الدولي، ومثلما كان شاهداً على مراحل انطلاق الحرب الباردة، أشرف وقاد بنفسه مراحل نهايتها، إذ شهدت سقوط جدار برلين وإعادة توحيد ألمانيا عام 1989، وانهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، ونشاط حركات الاستقلال القومية في دول أوروبا الشرقية، وإشرافه على عملية غزو بَنَمَا، وحرب الخليج الثانية، ومواجهة الأزمات السياسية مع الصين، ومن هنا انبثقت أهمية الاطروحة الموسومة "جورج هربرت واكر بوش وأثره في سياسة الولايات المتحدة الأميركية 1924-1993"، إذ سعى الباحث لمتابعة تلك الأحداث والمسائل عبر تحليل الوثائق والمصادر الاساسية التي عالجت جوانبه المختلفة، ابتداءً من ولادته ونشأته الأسرية والاجتماعية، ومن ثم تعليمه ونشاطه الاقتصادي حتى التحاقه بالعمل السياسي، ثم توليه أبرز المناصب الحزبية والدبلوماسية والأمنية، وخوضه الانتخابات الرئاسية ليكون نائباً للرئيس ريغان، ومن ثم عالجت الفصول الاخرى من الاطروحة سياسته الداخلية والخارجية في الولايات المتحدة الأميركية1989-1993. حدد إطار الدراسة الزمني، إذ بدأ في العام1924، وهو العام نفسه الذي أقترن بولادة جورج بوش، وانتهت الدراسة بالعام 1993 الذي اقترن بإنتهاء مدة نهاية رئاسته الوحيدة للولايات المتحدة الأميركية، وبداية ادارة جديدة بقيادة الديمقراطي بيل كلنتون.هدفت الاطروحة الى سبر اغوار الحوادث التي مرت بها الشخصية واسهمت في صنعها، وذلك من خلال الإجابة على عدد من الاسئلة في ثناياها:
- ماهي أصول عائلة بوش وما تأثيرها في حياته التعليمية والمهنية؟.
- كيف تمكّن بوش من خوض مغامرة العمل في مجال النفط ليصبح ثرياً؟.
- ما ابرز المواقف السياسية التي اتبعها الجمهوري بوش للفوز بعضوية مجلسي النواب والشيوخ عن ولاية تكساس التي كان معظم ولاء ناخبيها للديمقراطيين؟.
- على أية الوسائل اعتمد بوش في التقرب للرؤساء الامريكان لكسب ثقتهم، ومن ثم حصولهُ على مناصب عليا في الإدارات الأميركية؟.
- ما أبرز المناصب القيادية التي تولاها جورج بوش قبل انتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، وما الدور الذي اداه خلال توليه تلك المناصب؟.
- على أية خطط سياسية وفكرية اعتمد الرئيس بوش في سياسته الداخلية؟، وكيف تمكن من احتواء المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، في وقت شكلَّ فيه المعارضون الديمقراطيون اغلبية المقاعَدُ في الكونغرس؟.
- كيف واجه الرئيس بوش التحديات الدولية، لا سيما الخطط التي وضعها لتسريع ومواجهة حدث انهيار الاتحاد السوفيتي، وإنهاء الحرب الباردة؟، وما الطرائق التي تعامل بها مع الثورات والتغييرات السياسية التي طرأت في دول أوروبا الشرقية؟، وما موقفه من إعادة توحيد المانيا، ومن ثم الحفاظ على تماسك ووحدة حلف الناتو؟.
- ما الذرائع التي اتخذها الرئيس بوش لغزو بنما والاطاحة بزعيمها مانويل نورييغا، وما أهم الاجراءات التي اتخذها ضد الغزو العراقي للكويت، لا سيما قيادته لحرب الخليج الثانية؟.
- هل تمكن الرئيس بوش من احتواء أزمة الصين والحفاظ على علاقات واشنطن مع بكين بعد المذبحة التي قامت بها القيادة الصينية ضد الناشطين الصينيين في ساحة تيانانمن؟.
وتبعاً لذلك تطلبت الأطروحة الانتظام على هذه المقدمة وأربعة فصول وخاتمة، وينبغي الأشارة هنا إلى أن المنهجية المتبعة في فصول الدراسة، انها خلت من التوازن بين الفصول وكذلك المباحث، نظراً لما يحتويه كلّ فصل من احداث كبيرة ومعلومات غطت موضوعاتها، الى جانب ذلك استخدام الباحث التسلسل الزمني للأحداث التاريخية في الفصلين الاول والثاني، بينما اعتمد الباحث على وحدة الموضوع خلال الفصلين الثالث والرابع، لتجنب التداخل في المعلومات، ولتوظيفها بشكل سلس وعلمي لدى القارئ.