ملخص
الحمد لله و الصلاة و السلام على محمد رسول الله و على آله و صحبه و من والاه . أمّا بعدُ ؛ فهذه أطروحة عنوانها : ( التحليل اللساني للغة الشعر في التراث العربي – جهود نحاة القرن الرابع الهجري مثالًا – ) . و تقوم فرضية دراستها على محاولة الإجابة عن الأسئلة الآتية : –
- هل هناك تحليل لساني للغة الشعر عند علماء القرن الرابع الهجري ؟
- و إذا كان ؛ فما المصطلحات التي استعملوها للدلالة عليه , وما مفهومها في مستويي التنظير ، و التطبيق ؟
- و بافتراض وجود تحليل لساني للغة الشعر عندهم ؛ فهل يمكن تشخيص ( أشكالها بوصفها مناهج أو اتجاهات ) مع بيان مداخلها عندهم ؟ وهل يمكن تسميتها ( مناهج ) أو ( اتجاهات ) ؟ و لماذا ؟ و ما مظاهرها التطبيقيّة في تحليلاتهم ؟
- و إذا وجد تحليل لساني للغة الشعر له ( مناهج أو اتجاهات ) , فهل يمكن تشخيص أدوات استثمرتها هذه ( المناهج أو الاتجاهات ) بصفة كونها اجراءات لدى مباشرة تحليل الشعر ؟ و ما هذه الأدوات ؟ و كيف وظّفت في تحليل الشعر تطبيقيًّا عند علماء المرحلة ؟
- و إذا وجد متن تحليلي بالصفات التي مرّت ؛ فهل كانت لهذا المتن سمات منهجية تفصيليّة و كليّة ؟ و ما هي ؟ و كيف تجلّت ؟
تأتي أهمية الموضوع وجدوى دراسته من حاجة المكتبة العربيّة إلى إلقاء مزيد من الضوء على دراسة فكرة التحليل اللسانيّ ( بمستوياته كلّها ) في مفهومه التطبيقيّ تحديدًا بوصف هذه المستويات وسائل في تفكيك النصّ الشعريّ خاصّة ، و كشف معناه عند علماء القرن الرابع الهجريّ خاصّة على وفق الخطة العلمية التي تبناها البحث ؛ و في سياق حقّق الاختلاف عن الدراسات السابقة في ثلاثة أشكال ؛ و هي : اختلاف طرائق المعالجة ، و التركيز في خاصيّة التحليل اللسانيّ التطبيقيّ للشعر ، و كليّة القرن الرابع الهجريّ .
اقتضت طبيعة البحث أن يأتي في هذه ( المقدمة ) ، و تمهيد ، و ثلاثة فصول تلتها خاتمة ، و قائمة المصادر و المراجع . و تفصيلها في الآتي :-
جاء ( التمهيد ) بعنوان : ( لغةُ الشعر وتصّوُر مفهوم تحليله لسانياً في تراث علماءِ القرن الرابع الهجريَّ ) . و قد تناولت فيه – في محورين – الآتي :
( المحور الأول ) : لغة الشعر : أيّ معنى ؟ و درست فيه مفهوم لغة الشعر ، و مدى وعي علماء القرن الرابع الهجري بخصوصية لغته .
( المحور الثاني ): مصطلحات بحث لغة الشعر لسانياً عند علماء القرن الرابع الهجريّ ) . و قد درست فيه ( حدود التقارب والتداخل والاختلاف ) بين مفاهـــــيم : ( الشرح ، و الفَسْر والتفسير ، و الاعراب و التعريب ، و الايضاح ، و الفتح ، و التأويل ، و الحلّ ) ، ثمّ انطلقت من المصطلح الأخير لدراسة مفهوم ( التحليل ) ، و دلالة وصفه بـ ( اللسانيّ ) في تعبير ( التحليل اللسانيّ للغة الشعر ) .
أمّا ( الفصل الأوّل ) فقد حمل عنوان : ( اتجاهات التحليل اللسانيّ للغة الشعر في تراث علماء القرن الرابع الهجري ) . و قد خصّصته لمحاولة تحديد ما يمكن أن تكون اتجاهات للتحليل اللسانيّ للغة الشعر في تراث هذا القرن . و قد علّل البحث سبب تسميتها ( اتجاهات ) ، لا ( مناهج ) للابتعاد عن اسقاط مفاهيم حديثة على التراث قسرًا ، و لما يتطلّبه مفهوم المنهج من نظريّة باطار فلسفيّ تولّده ، و مصطلحات خاصّة به تعبّر عنه ، و اجراءات محددة تعتمد في التحليل . و قد حاولت عرض تقديم موجز لمفهوم كل اتجاه ثم عرضت لتطبيقات كلّ اتجاه في تراث التحليل اللسانيّ لعلماء المرحلة . و قد جاءت اتجاهات التحليل هذه ؛ كالآتي : ( اتجاه التحليل الشكليّ ، و اتجاه التحليل التحويلي التوليدي ، و اتجاه التحليل الأسلوبيّ ، واتجاه التحليل السياقيّ ، و اتجاه التحليل التداوليّ ، واتجاه التحليل النصيّ ، و تكامل اتجاهات التحليل ، واتجاه التحليل الجماليّ ، و اتجاهات تحليل دلالات ألفاظ الشعر معجميًّا ) .
أمّا ( الفصل الثاني ) فقد حمل عنوان : ( أدوات التحليل اللسانيّ للغة الشعر في تراث علماء القرن الرابع الهجريّ ) . و قد تضمّن توظيف : ( قوانين العربيّة ، و القيم الصوتيّة ، و دلالة البنية الصرفيّة ، و الحذف و التقدير ، و الزيادة ، و التقديم والتأخير ، و الحمل على المعنى ، و الإعراب ، و دلالة الأدوات النحويّة ) ، و ما يستتبعها من حالات تضافر هــذه الأدوات عند التحليل ؛ بوصفها ( أدوات إجرائية توظّف في داخل الاتجاهات الكبرى للتحليل اللساني التي تناولها الفصل الأوّل ) اعتمدها علماء القرن الرابع الهجريّ في التحليل اللسانيّ للغة الشعر ، و كشفوا من خلالها عن دلالاته .
و جاء ( الفصل الثالث ) بعنوان : ( سمات التحليل اللسانيّ للغة الشعر في تراث علماء القرن الرابع الهجريّ ) . و قد حاولت فيه وصف كلّ ما يتضمنه المتن التحليلي للنص الشعريّ ، و يفرز خصائص مشتركة يمكن أن تعبّر عن واقع هذا المتن . و لذلك كانت في محورين :
( أولهما ) : السمات التفصيلية للتحليل اللساني للغة الشعر . و بحثت فيه : كلّ ما يتعلق بطريقة عرض متن التحليل اللسانيّ للغة الشعر .
( و الآخر ) : السمات الكليّة للتحليل اللسانيّ للغة الشعر . و بحثت فيه : الخصائص العامّة الغالبة التي تشكّل عماد المتن التحليلي. و كانت كالآتي : ( الاقتطاع من السياق النصيّ ، و المعنى هدفًا للتحليل اللساني ، و المعنى حكمًا عند التحليل اللساني ، و تحكيم منطق القوانين المعياريّة ، و تعدد احتمالات التحليل اللسانيّ ، و إصدار الأحكام التقويميّة ، و اعتماد أسلوب الحوار ، و سؤال الشاعر عن قصده ).
و قد ختمت الأطروحة بخاتمة تضمّنت الخاتمة أبرز نتائج البحث ، و أهمّ ما خلصت إليه مع بعض التوصيات ، و بقائمة مصادر التراث اللساني العربي و المراجع التي تعالج قضاياه .
و قد وظّفت ( المنهج الوصفيّ التحليليّ ) أداة في وصف جهود علماء القرن الرابع الهجريّ في تحليلهم اللسانيّ للغة الشعر ، و محاولة تحليل هذه الجهود في ضوء خطّة البحث المقترحة بناء على جرد المادة العلميّة .
و أحمد الله سبحانه و تعالى على فضله في الهداية إلى هذا البحث و القدرة على انجازه ، ثمّ أشكر الأستاذة الدكتورة ( غادة غازي عبد المجيد ) المشرفة على هذا الأطروحة ، و أشكر جميع أساتذتي من تعلمت علي أياديهم الكريمة و من ناقش الأطروحة و قوّمها .
و خلصت الدراسة إلى : اثبات أن تراث علماء القرن الرابع الهجري ينطوي على جهد تحليلي لساني للغة الشعر يوازي ما يتوافر عليه العصر الحديث من حيث الاتجاهات ، و طرائق التحليل مع الاحتفاظ بخصوصية ذلك العصر بعيدًا عن مفهوم الإسقاط ، و أنَّ تعامل علماء القرن الرابع الهجري مع لغة الشعر كان تعاملًا لسانيًّا من خلال مصطلحات محددة سخّروها في عمليات استنطاق الشعر لإدراك معناه ، و إنَّ مشروعية اطلاق مصطلح ( التحليل ) على جهود علماء المرحلة ناتج عن أنَّ منظومتهم الفكرية في تعاملهم مع النص الشعري كانت تحليلية . و رصدت الدراسة الوجه العلمي الذي تعامل به نحاة القرن الرابع الهجري مع الشعر لسانيًا و حدّدتها في أنماط ؛ هي : الطرائق الرئيسة ، و الصور العامّة التي اعتمدوها في تحليل الشعر تحليلًا لسانيًّا ؛ و تلتزم بضوابط تتمثّل حدًّا أدنى من التوجه نحو التقارب أو التماثل مع خطٍّ منهجيٍّ معروف حديثًا ، ويمكن أن نصل من خلاله إلى فهم لغة الشعر . و كشفت عن توظيف علماء القرن الرابع الهجريّ مجموعة من قوانين اللسان العربي ، و مفاهيمه أدوات و إجراءات و وسائل حللوا بها النص الشعري في جميع مستوياته ، وشخّصت السمات التفصيلية و الكلية للمتن التحليلي للغة الشعر .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين