المستخلص
فإنَّ القرآن الكريم ، هو كتاب الله الخالد المعجز بلفظه ونظمه ، الذي لا تنقضي عبره ولا تفنى عجائبه ، وهو أحسن الحديث، وهو في أعلى درجة من الفصاحة، وأرفع رتبة في البلاغة، وفصاحة القرآن وجه من وجوه إعجازه، وصفه سبحانه بالبيان والإفصاح ، والتفصيل والإيضاح ، وجودة الإفهام والإبلاغ ، تحدى به العرب أرباب الفصاحة والبيان ، فبان عجزهم ، واتضح قهرهم ، ووقفوا منه موقف المنبهر الذاهل ، وكان حريًا بهم الإيمان والتصديق لما عُرِفَ من حال قريش في بلاغة المنطق ورجاحة الأحلام ، لكنه العناد واللدّ عند الخصومة قال تعالى : ﱡﭐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱠ([1]) وقال سبحانه : ﱡﭐ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱠ([2]) .
وقد اتجه علماء الأمة إلى البحث في أسرار القرآن وإعجازه منذ القرون الأولى ، والكشف عن جودة الألفاظ وانتقائها ، ورصفها وتركيبها ، وروعة الإعجاز الذي تقصر الأفهام عن إدراكه، فاغتنت المكتبة العربية بجواهر الكتب والمؤلفات ، تنهل من معين القرآن الكريم العذب الزلال ، فالفقيه يستنبط منه الأحكام ، ويستخرج حكم الحلال والحرام ، والنحوي يستمد منه قواعد الإعراب ، والبلاغي يهتدي به إلى حسن النظم ، وروعة البيان ، والمفسر يشرح ويفصل الغريب والإشكال.
ولمَّا كان تفسير (عون الرحمن في تفسير القرآن وبيان ما فيه من الهدايات والفوائد والأحكام)، لفضيلة الدكتور سليمان بن إبراهيم اللاحم أحد التفاسير الحديثة القيمة بغاية من التحقيق والتهذيب، اختار فيه مؤلفه أرجح الأقوال وأظهرها، ، وما تحتمله الآيات، مع استخراج ما فيه من الهدايات والفوائد والأحكام، والحكم والمواعظ، ، اعتمد في تفسيره على مصادر متعددة ، وناقش كثيرًا من المسائل البلاغية مناقشة علمية رصينة ، وجعل البلاغة مفتاحًا من مفاتح التفسير ، فحري بالباحثين الوقوف على الجانب البلاغي لدى الدكتور سليمان اللاحم في تفسيره ، وكشف مدى تأثره بمن سبقه ، وتأثيره فيمن بعده.
وهي غاية أشارك بها طلاب العلم الذين يحاولون اثراء الدراسات القرآنية بما يفتح الله عليهم من عطاء للكتاب الكريم.
أهمية الموضوع وأسباب اختياره :
١ – هذ التفسير أُلّف لخدمة كتاب الله تعالى ، تفسيرًا لآياته ، وكشفًا عن معانيه ونكاته ، وقد اخترت هذا الموضوع ليقيني بأنَّ خدمة الكتاب العزيز من خير الأعمال وأعظمها .
2- غزارة المادة البلاغية ، وكثرتها ، ولا سيَّما قضايا علم المعاني في تفسير عون الرحمن في تفسير القرآن لفضيلة الدكتور سليمان بن إبراهيم اللاحم ؛ إذ لا تقتصر على أحد موضوعات البلاغة.
3- إبراز جهد الدكتور سليمان بن إبراهيم اللاحم بلاغيًا في تفسيره ، وكشف أثره ، بوساطة دراسة البلاغة القرآنية في تفسيره.
4- إنَّ هذا الكتاب لم يسبق أن درس أحد من الباحثين المسائل البلاغية فيه .
5- قيمة المادة العلمية المضافة التي ينقل منها الدكتور سليمان بن إبراهيم اللاحم ، مِمَّا يعطي النصوص البلاغية التي نقلها أهمية كبرى ، بل لا يقتصر هذا العالم على النقل فحسب ، بل ينقل ويناقش ، ويرجح ؛ ويعلِلّ برأيه الخاص مِمَّا يسهم كل ذلك في تقديم المسائل البلاغية التي ضمَّها هذا الكتاب بصورة مختلفة .
6 – حاجة المكتبة الإسلامية لإبراز مثل هذا التفسير ، خصوصًا أنَّهُ أحد التفاسير الحديثة القيمة.
7- تناسب هذا الموضوع مع رغبة الطالب وميوله العلمية ، المتمثلة في الوقوف على ما شاء الله من الأسرار البلاغية في التعبير القرآني ، ومكامن إعجازه .
أهداف الموضوع :
1- الوقوف على الجانب اللغوي والبلاغي لدى الدكتور سليمان اللاحم في تفسيره ، وكشف مدى تأثره بمن سبقه ، وتأثيره فيمن بعده .
-2 الوقوف على مصادر الدكتور سليمان اللاحم والتعرف على مذهبه ، ومنهجه اللغوي والبلاغي عن طريق عرض القضايا اللغوية والبلاغة ومناقشتها .
3- الربط بين البلاغة والتفسير، عن طريق دراسة المسائل البلاغية لآيات القرآن الكريم في تفسير الدكتور سليمان اللاحم .
الدراسات السابقة :
بعد البحث والتقصي في قواعد البيانات التي تتعلق بموضوعات الرسائل والأطاريح ، والبحث في مواقع الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) العلمية لم أجد أي دراسة أو كتاب يتناول الجهد البلاغي للدكتور سليمان اللاحم، وكما هو معلوم أن الدكتور سليمان اللاحم من المفسرين المعاصرين ، وأمَّا دراسة المسائل اللغوية والبلاغية في التعبير القرآني في التفاسير الأخرى فكثيرة.
منهج البحث :
يعتمد البحث على اتباع المنهج الفني موظفًا آليات الوصف والاستقراء، المتمثل في:
1- جمع المسائل اللغوية والبلاغية في التعبير القرآني التي وقف عندها الدكتور سليمان بن إبراهيم اللاحم في تفسيره .
2- تناول هذه المسائل تناولاً تحليليًا وصفيًا .
وعن طريق اتباع ما سبق ستتجلى براعة الدكتور سليمان بن إبراهيم اللاحم في الكشف عن الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم .
أمَّا أبرز المصادر والمراجع التي اعتمدت عليها :
1- المفردات في غريب القرآن ، الراغب الأصفهاني .
2- الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، الزمخشري .
3– البحر المحيط في التفسير، أبو حيان الأندلسي .
4- روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ، الآلوسي .
5- التحرير والتنوير، الطاهر بن عاشور .
6 – أساليب بلاغية، الفصاحة – البلاغة – المعاني ، د. أحمد مطلوب .
7 – التعبير القرآني ، د. فاضل صالح السامرائي .