المستخلص
قال تعالى: ﵟالٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ ١ﵞ ([1])، فإن أفضل علم، وأنفع علم هو العلم بكتاب الله الذي أنزله على خير البشر محمد بن عبد الله الذي بعث رحمة للعالمين، وفي أطهر مكان على هذا الكون وهو مكة المكرمة، فهو كلام الله المقدس والمطهر، فالعلم بكتاب الله هو خيرٌ ومنفعةٌ لكل طالب علم، وهو جامع العلوم أجمع، فكل العلوم فروع منه وجزء لا يتجزأ من كتاب الله، من عمل به فله الأجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم.
ومن هنا جاء اهتمام العلماء قديمًا وحديثًا في خدمة هذا الكتاب، والغوص في أسراره وعجائبه، وهذا دليل على كثرة المؤلفات فيه، والتنافس على اكتشاف عجائبه التي لا تنتهي فألفوا في تفسيره، وقراءته، وإعرابه، ومعانيه وغير ذلك كثير.
وجاء تفسير الكوكباني من ضمن هذه المؤلفات التي سعى فيها المؤلف إلى خدمة كتاب الله وتقديمه على الوجه الذي يرضي الله تعالى، فالمؤلف من إعلام اليمن من القرن الثالث عشر الهجري واسم مؤلفه (تيسير المنان تفسير القرآن)، الذي جمع فيه بين فني الرواية والدراية.
وقد حققت من هذا الكتاب جزءً من جزء تبارك من سورة المزمل حتى نهاية سورة المرسلات، متبعتًا المنهج المقرر في تحقيق المخطوطات، حيث بدأت بقراءة المخطوط بطريقة مركزة، من ثم نسخه وفق قواعد النحو الحديثة؛ لأنه الملاحظ في تفسير الكوكباني أنه كتبه وفق اللغة الدارجة بين أقرانه في ذلك العصر من تحويل الهمزة ياء، واختصار بعض الكلمات وغير ذلك فقمت بنسخ النص موافقًا لقواعد النحو الحديثة.
بعد الانتهاء من النسخ قمت بمقابلة النسخ الخطية بمشاركة المشرف على هذه الرسالة الأستاذ الدكتور علي عبد كنو جزاه الله خير الجزاء، وبعض الأساتذة جزاهم الله خيرًا، وبعد الانتهاء من النسخ قمت بتخريج النص المحقق بإرجاعه الى مصادره الأساسية، وبعد ذلك تخريج الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والقراءات وغير ذلك، والتخريج الذي لا أجده في المصادر الأساسية أبحث عنه في مصادر تكون جزء لا يتجزأ من المصادر الأساسية وأخرجه منه، وإن لم أجد تخريجه أبدًا أشير الى ذلك في الهامش.
أخيرًا أدعو الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأسأله العون والتوفيق لخدمة كتابه وإعلاء كلمته، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام لخير المرسلين محمد صلى الله عليه وعلى أله وصحبه أجمعين.
سبب اختيار الموضوع:
تتلخص أسباب اختيار الموضوع فيما يلي:
1 – الحرص على الارتباط بكتاب الله تعالى لعظم أجر تلاوته وتدبره وفهم معانيه.
2 – القيمة العلمية للكتاب، حيث يعد الكتاب موسوعة ضخمة جمع فيه مؤلفه بين الرواية والدراية، واحتوائه على علوم غزيرة في فروع علوم القرآن المختلفة.
3 – العمل على تحقيق مثل هذه الموسوعة الضخمة يستلزم البحث في أمهات كتب العلوم المتنوعة: التفسير، والقراءات، وعلوم القرآن، والحديث وعلومه، والفقه وأصوله، والعقيدة، واللغة، والنحو والصرف، والبلاغة، والشعر وغيرها، الأمر الذي يهيئ فرصة جيدة للاطلاع وتنمية المعارف وتقوية البناء العلمي للباحثة لاسيما في مقتبل حياتها العلمية.
4 – أن إخراج هذا الكتاب الموسوعة يعدُّ إضافة علمية قيمة لمكتبة الدراسات القرآنية، ومرجعًا مهمًا للمتخصصين في التفسير، خاصةً ولم نجد للمؤلف غيره، ولا تخفى أهمية هذا الجانب في إبراز شخصية مؤلفه العلمية، وبيان ما كان عليه اتجاه التفسير في القرن الثالث عشر الهجري.
5 – الوفاء بحق علماء الأمة والمساهمة في نشر تراثهم وإبراز جهودهم، لاسيما المتأخرين منهم ممن كان له سعة اطلاع، وجد على طلب العلم والبحث والمدارسة.