المستخلص
تعد المصالح المتبادلة بين الدول هي الركيزه التي ترتكز عليه العلاقات والسياسات بين الدول، وبتلك القاعدة تقوم العلاقات بين الدول وترتبط بعضها مع بعض بروابط سياسية واقتصادية وعسكرية أحياناً، وفي ذلك الصدد فان سياسة فرنسا اتجاه روسيا ارتبطت بروابط مختلفة عما كانت عليه قبل عام 1917، إذ كانت روسيا حليفاً استراتيجياً ومهماً لفرنسا في مواجهة الإمبراطورية الالمانية، فبقيت على علاقات جيدة مع روسيا حتى عام 1917 عندما انهار النظام القيصري في روسيا بثورة برجوازية في منتصف آذار من ذلك العام، صارت لفرنسا سياسة جديدة ارتكزت على مصالح آنية خلال سنوات الحرب العالمية الأًولى، فأيدت فرنسا التغيير السياسي في روسيا على أمل أن تكون الحكومة الروسية الجديدة إلى جانب فرنسا ودول الوفاق خلال الحرب العالمية ضد ألمانيا وحلفائها، وبقى ذلك المسار يحكم سياسة فرنسا اتجاه روسيا طوال مدة الحكومة الروسية المؤقتة، لكن تلك السياسة تغيرت بعد وصول الشيوعيين البلاشفة إلى السلطة في تشرين الثاني 1917 والتي تبنت مبادئ وأفكاراً مناهضة للرأسمالية ومعادية لها، وبذلك اتبعت فرنسا سياسة ذات اتجاهين الأُول أتسم بالتروي في محاولة لاسترجاع الأموال الفرنسية الموظفة في الاستثمارات داخل روسيا، والاتجاه الآخر تمثل بدعم القوات الروسية البيضاء المناهضة للشيوعية، ومحاولة تأسيس نظام بديل يكون أكثر مرونة وقرباً منها سياسياً واقتصادياً وفكرياً، فبقيت تلك السياسة هي محور التعامل مع النظام البلشفي السوفيتي طوال المدة من عام 1917 لغاية عام 1921 حسب نهاية مدة الدراسة.
من هذهِ الطروحات جاءت أهمية الموضوع وسبب اختياره التي استعرض مسار السياسة الفرنسية خلال المدة 1917_ 1921، ضمن المحور السياسي والاقتصادي والعسكري والذي بدأ منذ سقوط النظام القيصري في روسيا عام 1917، الذي شكل بداية لسياسة فرنسا اتجاه روسيا خلال تلك المدة، عندما سعت فرنسا من خلال تلك المسارات لتحقيق هدف مهم وأساسي هو حماية مصالحها داخل روسيا وخارجها، لذا اتجهت الدراسة في البحث في تلك المسارات المختلفة وكشف خفايا الأمور والبحث في وثائقها وتحليل مضامينها لتوضيح تلك السياسة، وتغير سلوكها المتباين تبعاً لتباين المراحل التاريخية التي مرت بها روسيا من جهة وفرنسا طوال مدة الرسالة من جهة أخرى، أما سبب تحديد نهاية الدراسة إلى عام 1921 فقد تمثلت بإنتهاء سياسة فرنسا اتجاه روسيا والقائمة على أساس التدخل العسكري ودعم المعارضة البيضاء المناهضة للسوفييت، ومحاولة انعاش أمال فرنسا الاقتصادية في روسيا السوفيتية، ثم اتجهت بعد ذلك إلى الاتفاق مع بولندا ودول أوروبا لسياسة جديدة عرفت( بالحجر الصحي) أو الحزام الوقائي بهدف عزل روسيا السوفيتية عن محيطها الإقليمي والدولي من اجل أضعافها سياسياً وعزلها اقتصادياً ومنع تسّرب أفكارها ومبادئها إلى بقية بلدان أوروبا، وتلك سياسة جديدة تختلف عن سياسة فرنسا خلال مدة الدراسة وتحتاج إلى جهد علمي جديد ومستقل لدراستها.
أما فيما يخص فرضية الرسالة فقد تمثلت بطرح فكرة سعت الباحثة لإثباتها من خلال العمل والبحث في الدراسة وهي بالشكل التالي:.
- استندت فرنسا في سياستها اتجاه روسيا السوفيتية خلال مدة الدراسة على حماية مصالحها وضمان ديمومتها وأهمها الأموال المستثمرة داخلها بشتى الطرق، وذلك ما جعلها تتسم بالمرونة في التعامل مع التغييرات الروسية المختلفة.
- 2. بالرغم من خطورة النظام الشيوعي بالنسبة لفرنسا لكنها لم تظهر له العداء خشية من تحالف روسيا القيصرية مع الألمان مما يعّقد الوضع السياسي والعسكري لفرنسا ولدول الوفاق.
- حاولت فرنسا توظيف ظروف روسيا الداخلية لصالحها ولاسيما وجود فئات كثيرة داخل المجتمع الروسي رافضةً لوجود البلاشفة الشيوعيين على رأس السلطة فقامت بدعم تلك الجهات بهدف أضعاف النظام الشيوعي أو تقويضه خلال مدة الدراسة.