المستخلص
فتجيء دراستي الموسومة بـ (شعر عمرو بن معد يكرب (ت21ه) ـــ دراسة بلاغية ــــ)، للحديث عن شعر شخصية عظيمة مخضرمة، عاشت حياة طويلة حافلة بالمغامرات، تلك هي شخصية الشاعر الفارس عمرو بن معد يكرب، الذي ترك في تأريخ الادبين الجاهلي والإسلامي أعظم الأثر، وكتب اسمه بأحرف من نور على صفحة ناصعة من التأريخ، إذ مثّل ـــ في سيرته الطويلة ـــ تحولًا من الضلالة الى الهدى، انتهت بشهادته في حروب التحرير، فكان شعره سجلًا حافلًا، إذ تضمن الصور البلاغية التي سعى فيها إلى بيان أغراضه ومقاصده، وترسيخ أفكاره النبيلة الهادفة في ذهن المتلقي، فمثلت بعض أبياته حكمًا وأمثالًا بليغة مؤثرة، فاستحق شعره الدراسة البلاغية المتأنية، على الرغم من قلة قصائده التي وصلتنا في ديوانه نسبياً، فجاءت الدراسة في تمهيد وثلاثة فصول، شفعت بخاتمة سطرت فيها أهم النتائج.
إذ يجيء التمهيد للحديث عن سيرة الشاعر عمرو بن معد يكرب بإيجاز، مع الوقوف على أهم خصائص شعره وموضوعاته، والاستدلال على ذلك بشواهد شعرية نابضة، برؤية الشاعر للحياة والوجود ومعاني الفروسية والكبرياء.
إذ يجيء الفصل الاول للحديث عن مباحث في علم المعاني، شكلت ظاهرة بارزة في شعر الشاعر، وكان من أهمها ما تعلق بسياق الجملتين الخبرية والانشائية، وما تمخض عنهما من معانٍ ثانية، كما سعت الدراسة في هذا الفصل إلى تقصي تمثلات شعره مع بعض موضوعات المتغير الأسلوبي، المتمثلة بانزياحيه التقديم والتأخير، ودلالة التعريف والتنكير.
ويأتي الفصل الثاني ليتضمن الحديث عن صور البيان في سياق شعر الشاعر في ثلاثة مباحث، لصورة المشابهة أولاً، ثم الصورتين المجازية والاستعارية التي تقع في ضمنها، ثم مسك الختام مع الصورة الكنائية، وقد سعت الدراسة البيانية لشعر الشاعر إلى استقصاء الناحية الجمالية في أمثلة منتقاة من شعر الشاعر، لم أعمد فيها إلى الجرد والإحصاء، وإنما الاستدلال على وقوع تلك الصور البيانية في شعره فحسب.
واستكمالاً لمحاور الدراسة البلاغية، فيتصدى الفصل الثالث للحديث عن مباحث في علم البديع، وتوظيفها في العبارة الشعرية لشعر عمرو بن معد يكرب في أمثلة منتقاة أيضا، إذ إن سمة الانتقاء كانت بارزة في دراستي هذه للاستدلال على توظيف الشاعر لبعض أنواع البديع والتعليل لذلك بشواهد شعرية من شعر الشاعر، مما صحَّ نسبتها إليه، وكان الحديث عن التكرار وأنماطه المتمثلة بالتصدير والجناس في نص الشاعر، ومدى التلاؤم الصوتي مع المستوى الدلالي، مع انسجام ذلك مع آلية الثنائية الضدية بوساطة توظيف الشاعر للطباق، وقد سعيت الى دراسة أنواع التكرار بالحروف والكلمات، مع التمثيل من شعره لكل عنصر من هذه العناصر في محاولة جادة إلى بيان أهمية القيمة الصوتية الساعية بوساطة البديع، المتعانقة مع موسيقى القصيدة لكل عنصر من هذه العناصر لها من الديوان المحقق لشعره.
ثم تأتي الخاتمة التي ذكرت أهم النتائج التي تمخضت عنها الدراسة البلاغية لشعر الشاعر، وأخيراً يأتي سرد المصادر والمراجع التي كان من أهمها كتابا عبد القاهر الجرجاني (أسرار البلاغة)، و(دلائل الإعجاز)، و(الإيضاح) للقزويني، و(علم المعاني) لعبد العزيز عتيق، و(البلاغة فنونها وأفنانها) لفضل حسن، و(الأساليب البلاغية) لأحمد مطلوب وغيرها.
وقد اعتمدت دراستي منهجاً وصفياً تحليليًا، عمدت فيه الى الانتقائية لأبيات بعينها، بغية التوصل إلى الكشف عن القيم الجمالية في السياق الشعري في دراستي جميعاً، ولعل من المهم في هذا المقام ذكر أهم الدراسات السابقة لشعر عمرو بن معد يكرب، مثل رسالة الماجستير الموصومة بـ (أساليب الإنشاء الطلبي في جمهرة أشعار العرب ـــ دراسة تركيبية بلاغية)، للباحثة (هدى نياب البطاوي)، الجامعة الاردنية، 2007م، وكذلك رسالة الماجستير الموسومة بـ (شعر عمرو بن معد يكرب الزبيدي ـــ دراسة تحليلية)، للباحث (محمد سالم فرحان)، جامعة البصرة.