المستخلص
تعدُّ الهجرة في التَّاريخ حدثاً مهماً لما لها من أثرٍ في البلد الوافد إليه وأثر في بلد النزوح منه، ودورها في نمو السكان على بلدين. وأسباب الهجرة عديدة ومنها الأسباب السياسية مثل الهجرة الجزائرية بعد الاحتلال الفرنسي.
وقد تناولنا أثر المهاجريين الجزائريين في سوريا ولبنان منذ عام 1855 وهو انتقال عبد القادر الجزائري إلى دمشق وقد سبقه كثير من الجزائريين إلى الاستقرار في دمشق وبيروت لكن أخذنا منذ تاريخ استقرار الأمير عبد القادر لأنَّ الهجرة أصبحت حالة اجتماعية وسياسية حتى نهاية الثَّورة السورية ضدَّ الاحتلال الفرنسي عام1927.
ولا شكَّ أنَّ اختيار موضوع الجزائريين في سوريا ولبنان وأثرهم الاجتماعي والسياسي (1855-1927) يعدُّ موضوعاً مهماً له مسوغاته الموضوعية لاختياره للدِّراسة، لاسيما إذا علمنا بالمتغيرات السَّريعة والمتناقضات الواضحة لتطورات السياسة في تلك الحقبة، وكذلك ظهور بواكير النهضة التعلمية والفكرية والتَّحرير والدعوة إلى القومية العربية في البلدان العربية لاسيما سوريا ولبنان.
وسوف نكشف عن تداعيات الهجرة و دور المهاجريين الجزائريين وإسهاماتهم الاجتماعية والسياسية. وقد ركزنا في سوريا أكثر من لبنان بسبب تواجد النُّخب في دمشق.
وقد ذكرنا سوريا ولبنان في عنوان الرسالة بدل من ولاية سوريا أو ولاية بيروت أو جبل لبنان وذلك بسبب التغير الإداري والتسميات بينهم نتيجة التغيرات السِّياسية التي شهدتها المنطقة بين عام (1855-1927) لاسيما بعد الانسحاب العثماني من سورياعام 1918 والاحتلال الفرنسي لسوريا ولبنان.
قسمنا الدِّراسة إلى ثلاثة فصول يسبقها التمهيد مع المقدمة والخاتمة.
أمَّا التمهيد يسلِّط الضَّوء على الهجرة الجزائرية إلى بلاد الشام أسبابها وبداياتها والموقف الفرنسي والعثماني منها منذ الاحتلال حتى العام 1855. الذي تضمَّن السياسة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر منذ احتلالها وسياستها الاستعمارية مما دفع الجزائريين الى الهجرة.
أمَّا الفصل الأول فيتضمن الأسباب التي دفعت لاستقرار الأمير عبد القادر الجزائري في دمشق ودوره في استقرار كثير من الجزائريين في بلاد الشام ولا سيما في دمشق. واستعرضتُ الخلاف الفرنسي العثماني حول جنسية المهاجرين الجزائريين، وكذلك بيان أوضاعهم الاقتصادية.
أما الفصل الثاني فقد خُصِّص لدراسة الأثر الاجتماعي والثقافي للجزائريين. اذ يسلِّط الضوء على الدَّور العلمي والثقافي لأمير عبد القادر الجزائري في دمشق. وكذلك تحدثتُ بهذا الفصل عن دور الأسر الجزائرية وإسهاماتهم العلمية والثقافية وعرفنا بفرد كل عائلة منها وبينا أبرز الأسر، وكشفنا كذلك عن دور طاهر الجزائري في المجال العلمي والفكري. وجاء الفصل الثالث بعنوان الأثر السياسي للجزائريين في سوريا ولبنان(1860-1927) وقد تناولناه من عام 1860 لأنه يعد أول دور سياسي منذ استقرار الجزائريين في سوريا ولبنان وهو العام الذي وقعت الحرب أهلية التي شملت سوريا ولبنان، وكشف عن دور الأمير عبد القادر الجزائري في قيادة الجالية الجزائرية ودورهم في الحفاظ على روح المسيحيين والسلم الاجتماعي في دمشق. وكذلك تناولتُ أثر الجيل الثاني الذي نشأ في دمشق حتى قيام الحرب العالمية الأولى وهم كلٌّ من: الأمير علي بن القادر الجزائري وسليم الجزائري، وبيَّنتُ مواقفهم السياسية كموقفهم من سياسة التتريك ودور سليم الجزائري في الجمعيات العربية . وكشفنا بهذا الفصل الدور السياسي خلال الحرب العالمية الاولى وموقفهم من الأحداث التي عمَّت المنطقة ومنها من سياسة جمال السفاح وكذلك موقفهم من الثَّورة العربية 1916، ودورهم بعد الانسحاب العثماني من سوريا وموقفهم في العهد الفيصلي والاحتلال الفرنسي ومشاركتهم في الثورة السورية.