الملخص
تُعَدّ فكرة تنظيم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ومنها حق التقاضي من الأمور الأساسية في المجتمعات المعاصرة، إذ أصبحت حقوق وحريات الإنسان عموماً، وحق التقاضي خاصة، ركيزة من ركائز الدولة القانونية، إذ يُعَدُّ هذا الحق من الحقوق الطبيعية للأفراد ولصيقة بشخصية الإنسان التي لا تقبل التنازل عنها أو تقييدها، لأَنَّها تُعَدُّ من الحقوقِ العامةِ لِلأفراد.
إِنَّ هذهِ الدراسة تسلط الضوء على التنظيم الدولي لحق التقاضي وأثره في القانون العراقي، في ظل التعارض والنقص التي تعانيها النصوص الدستورية والقانونية العراقية في تنظيم حق التقاضي.
إذ تطرقنا في دراستنا إلى المفاهيم تنظيم حق التقاضي, في ماهية حق التقاضي وبيان أَهميته وطبيعته وسماته والتطور التاريخي لهُ وتمييزه عن الحقوق الأخرى, وطرق تنظيمه دولياً ووطنياً وبيان طرق مصادرته التي تُعَدُّ انتهاكاً وأخلالاً له، من خلال المعايير الدولية لتنظيم لحق التقاضي في بيان أهم المبادئ العامة والضمانات القضائية التي نصت عليها الصكوك الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان ,التي لها علاقة في تنظيمه وجرى بيان أنظمة التقاضي الدولية, والمعايير الوطنية لتنظيم حق التقاضي, من خلال أهم المبادئ والضمانات القضائية الواردة في النصوص الدستورية والقانونية.
كما تطرقنا إلى النصوص القانونية للمعايير الدولية المتعلقة بتنظيم حق التقاضي التي نصت عليها الصكوك الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان، والنصوص الدستورية والقانونية الموضوعية والإجرائية المختلفة ذات العلاقة بموضوع البحث وأسنادها بتطبيقات قضائية من المحاكم العراقية، وتحليل النصوص القانونية والمقارنة بين النصوص الوطنية والدولية لتشخيص نقاط التشابه والاختلاف فيما بينها، وتحديد النصوص الوطنية التي تتعارض مع المعايير الدولية، وأقتراح الصياغات القانونية وجعلها أكثر مواءمة مع المعايير الدولية.
وكذلك تطرقت دراستنا إلى بيان أهم الضمانات العامة لحق التقاضي الواردة في النصوص الدستورية والقانونية (الموضوعية والإجرائية) العراقية, وكذلك في النصوص القانونية الواردة في المعايير الدولية التي نصت عليها الصكوك الدولية والمقارنة فيما بينها, وتسليط الضوء على نقاط التشابه والاختلاف في النصوص الوطنية, وأقتراح الصياغات القانونية لمعالجة تلك الاختلافات بالشكل الذي يتوافق وينسجم مع تلك المعايير.
وقد توصلت الدراسة للاستنتاجات نذكر منها.
1_ أَنُّ حق التقاضي يُعَدُّ من حقوق الإنسان, واللصيقة بشخصيته, وحقاً دستورياً عاماً, نصت عليه أغلب الصكوك الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان, ومعظم دساتير الدول.
2_ يبرز دور المشرع في تنظيم حق التقاضي, من خلال توفير المبادئ والضمانات القضائية لضمان ممارسة الأفراد لحقهم في التقاضي, عن طريق تنظيم إجراءات التقاضي في النصوص الدستورية والقانونية بالشكل الذي يتوافق وينسجم مع النصوص الواردة في المعايير الدولية لتنظيم حق التقاضي.
كَمَا خَلَصَ الدراسة بَعْدَة مقترحات من أهمها:
1_ ضرورة عَدّ الصكوك الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان عموماً والشرعة الدولية لحقوق الإنسان بوجه الخصوص, التي تنظم حق التقاضي، سَوَاءُ أنضم العراق إليها, أم لم ينظم, معايير دولية واجبة التطبيق.
2_ إزالة كافة الاختلافات والتناقضات الواردة في النصوص الدستورية والقانونية التي لا تتوافق مع المعايير الدولية على أَنَّ لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
3_ ضرورة تنظيم إجراءات التقاضي بالشكل الذي يضمن لكافة الأفراد ممارسة حق التقاضي أمام المحاكم الوطنية, وذلك إلغاء جميع النصوص التشريعية المانعة والمقيدة لممارسة حق التقاضي.
4_ نرى ضرورة وضع استراتيجية عملية للأنتقال إلى نظام التقاضي عن بعد، من خلال إِنشاء المحاكم الإلكترونية وتنظيم إجراءات التقاضي تنظيماً تقنياً معلوماتياً بالشكل الذي يمكن المتقاضين من تسجيل دعواهم القضائية وتقديم الأدلة والبينات وحضورهم جلسات المحاكمة وأجراء التحقيق والمحاكمة بصورة علنية على النحو الذي يضمن تحقيق السرعة والبساطة في إجراءات التقاضي والشفافية في الحصول على المعلومات, فضلاً عن إختصار الزمن والجهد والنفقات وتقليل عناء ازدحام المتقاضين والمراجعين في المحاكم وخاصةً في ظل الظروف التي نمر بها من أنتشار الأوبئة الخطيرة شديدة العدوى وسريعة الانتشار, منها وباء كورونا, فضلاً عن الخطورة التي قد يتعرضون إليها المتقاضين عند حضورهم إلى المحكمة, وخاصةً في دعاوى الجنايات والأحوال الشخصية.