المستخلص
نظراً لأهمية المال والاقتصاد في حياة الانسان قديماً وحديثاً، عمد الدين الاسلامي إلى العناية بالجانب الاقتصادي واهتم به اهتماماً يماثلُ اهميته في المجتمع، فوضع التشريعات، والأحكام، والشروط، والضوابط، المحكمة والمتقنة التي تمتاز بتحقيق الفائدة الاقتصادية، ومصلحة المجتمع، وزيادة ترابطه وتماسكه ، فضلًا عن ذلك تميزت هذه الاحكام بإنَّ تشريعها كان على وفق أُسس علمية، قائمة على المصلحة العامة، مع ثبات وديمومة التعامل بها، وإنَّها لم تكن محددة أو وقتية او آنية او لفئة معينة، وإنما دائمة وللكل، فأثبت هذا النهج الاقتصادي فاعليته ونجاحه عندما طُبق بأصولهِ وفروعه في العهود الأولى للإسلام، فقضى على الفقر وأماته جعلت نسبته قليلة جدا لذلك تتحقق العدالة في توزيع الاموال من بيت المال على المسلمين ، والقضاء على العوز المادي في تلك المجتمعات إلى حد كبير من جانب، ومن جانب آخر غرس روح الإيثار في نفوس أبناء تلك المجتمعات، ونكران الذات ، وبذل ما في الوسع من الانسان للأنفاق من اجل روح التعاون، وازالة الفوارق الطبقية المتعالية والمتسلطة على الناس.
جاءت الاحكام والشروط في النهج الاقتصادي الإسلامي ضمن مصدرين اساسيين من مصادر التشريع الاسلامي هما : القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة متمثلةً بأحاديث الرسول الاكرم محمد)صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) وجاءت هذه السُنة من طريق كتب الحديث، من صحاح، ومسانيد، ومن ضمن ذلك مسند الإمام علي بن ابي طالب (u) الذي يُعد من الكتب الحديثية المهمة للحديث للسيد القبانجي (ت1412ه) ومنها أحاديث ذات مضمون اقتصادي، التي بينت ووضحت الاحكام والتشريعات الاقتصادية، وكشفت طرائق التعامل الاقتصادي والمالي السائد في العهود الاسلامية الأولى، مما تعامل به الرسول (r) وامر به، ثم ما طبقه الصحابة الكرام في تعاملاتهم المالية والاقتصادية اليومية.
ومن أهم ما احتوى مسند الامام علي بن ابي طالب (u)، انه ضم بعض من الاحاديث، التي وضعها على طريقة المسانيد، ومن المعلوم ان رجال الحديث ومن بينهم مسند الامام علي (u ) للسيد القبانجي الذي هو محل دراستنا وهو صاحب المسند وهناك عدة مسانيد ( السيد عزيز الله العطاردي – السيد عبد المحسن عبد الله السراوي- السيد علي عاشور )، وحيث تم اختيار في دراستنا السيد حسن القبانجي صاحب مسند الامام علي (u) ومحققه الشيخ طاهر السلامي لتوفره في المكاتب وحوى اكثر الجوانب الاقتصادية وابدع في اتباع منهج دقيق للوصول للروايات الصحيحة .
والمنهج المتبع في الدراسة هو المنهج الاستقرائي الوصفي (هو جمع معلومات عن موضوع وما يتبعها للوصول الى نتيجة وكان تصنيف الروايات بحسب مواضيع الجوانب الاقتصادية والمالية.
وكانت التعاملات الاقتصادية والمالية في العهود الاسلامية الاولى، فضلًا عن إيراد الجانب النظري من كتب الفقه، وتضمن ذلك عرض الآراء، ومناقشة
بعضها، مع التركيز على ما جاء في المسند، وعلى آراء الامام علي (u)،
وكان الالتزام التام بالبحث العلمي الاكاديمي التاريخي.
اما الدوافع المحفزة إلى دراسة هذا الموضوع فيأتي في مقدمتها كلام سيد الانام رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) لاسيما وإن هذه الاحاديث جمعها ودونها الإمام علي (u) الذي شُهد له الالتزام التام بشريعة الاسلام، منارًا، وجمعها السيد القبانجي وجعل هذا المسند، فضلًا عن سعة العلم والفكر، أمّا اختيار دراسة الجوانب الاقتصادية والمالية؛ لانهما يعدان من أهم مقومات الحياة وليس هناك من حضارة او دولة تُقام دون ان يكون لها اقتصاد منظم وفاعل.
اقتضت طبيعة هذه الدراسة ان تُقسم على ثلاثة فصول، يسبقها مقدمة،
وعرض المصادر والمراجع، ويأتي بعدها تمهيد عن حياة المؤلف ،وخاتمة تضمنت أهم نتائج الدراسة .
تضمن التمهيد : حياة المؤلف الذي تناولنا فيه أسمه ونسبه ونشأته ، وحياته الاجتماعية، واسهاماته العلمية ووصف المسند ومنهجه وموارده.
وقُسم الفصل الأول على مبحثين : تطرق فيه الباحث في المبحث الأول : حول تعريف الزكاة لغة واصطلاحا، وفضلها، ومانعها، ووجوبها، وحيث كان المبحث الثاني حول زكاة الانعام وتناولت كذلك الزكاة في النقدين وزكاة الاطعمة والفطرة وكذلك مستحقو الزكاة كما اورده القبانجي في مسنده الامام علي (u)
اما الفصل الثاني فتناولنا فيه : المعاملات الاقتصادية الاسلامية التي اوردها الامام علي في مسنده، وقسمناه على أربع مباحث . تضمن المبحث الاول: فضل التجارة وآدابها، وركز المبحث الثاني على شروط البيع والخيار في البيع والآداب في البيع ، اما المبحث الثالث : الربا وآثاره والمبحث الرابع أحتوى على الديون والشركات والمضاربات والقسمة في مسند الامام علي (u).
وكُرس الفصل الثالث لدراسة : الموارد المالية الرئيسة للدولة الإسلامية على وفق ما ورد في مسند الامام علي (u)، والذي تطرقنا فيه إلى أربعة مباحث تناولنا في المبحث الاول : الاجارة والشفعة، والمبحث الثاني : الرهن والضمان والتفليس والحجر، والمبحث الثالث : الوديعة والعارية، وكان المبحث الرابع : الصدقة والخمس.