اعلام المكتبة المركزية / المهندس مهند
المستخلص
وانطلاقا من ذلك ومن أجل الوصول إلى هذه الحقيقة أخذنا بالتقصي والبحث في المصادر التاريخية والمصادر الأخرى عن مكانة المرأة واثرها في مجتمعها عبر العصور التاريخية المختلفة والذي لم يكن مقتصرا على دورها في بيتها مع زوجها واطفالها بل كانت هناك العالمة الفقيهة والمحدثة والمحاربة وغيرها , وهذه المكانة وصلت اليها المرأة بعد مجيء الاسلام الذي اعطاها حقها وكرامتها والدليل على ذلك ان الله عز وجل كرمها بأن جعل احدى سور القرآن الكريم بأسمها , وهي سورة النساء التي بينت ماللمرأة من حقوق , وما عليها من واجبات في الوقت ذاته , وهذه المكانة والدور العظيم الذي استحلته المرأة في المجتمع جاء بعد مرورها بأوقات عصيبة وقاسية عليها إذ منذ بدء الخليقة قد ثارَ جدلاً واسعا حولها فالمجتمعات القديمة كانت تنظر للمرأة نظرة تحقير وتبخس حقها وحريتها بل أن بعضاً منها اعتبرتها نجسا جالبة للعار, وعليهم التخلص منها سواء ماكان مع مولودها من خلال وأد البنات أو فيما بعد من خلال التخلص منها بعد وفاة زوجها من خلال حرقها على اعتبار انها لاتستحق الحياة وهي ادلة على امتهان حرية المرأة وكرامة المرأة . فضلاً عن هذهِ الظروف القاسية التي كانت تواجهها المرأة جاء الاسلام ليكون لها مناراً في عتمة تلك الأيام , ولتنطلق منه في بناء مجتمعها في جوانبه المختلفة سواء ماكان اجتماعيا , أو سياسيا , أو فكريا , وانطلاقا من ذلك جاءت دراستنا عن المرأة وأثرها في مجتمعها , ولكن هذه الدراسة جاءت من خلال أحد المعاجم الفقهية , وهو (المصباح المنير في غريب الشرح الكبير) ليكون تحت عنوان " المرأة واثرها في المجتمع من خلال معجم المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي ( ت770ه/ 1368 م ) دراسة تاريخية " . ومن الجدير بالذكر هنا أن الفيومي كان من اشهر علماء القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي فهو عالماً لغوياً وخطيباً وفقيهاً له مصنفات عدة من ضمنها معجم المصباح المنير الذي من خلاله كان مشوار بحثنا , والذي بدء في التقصي عن المؤلف نفسه ومن بعده عن المرأة ومالها من اثر في مجتمعها , فكانت لها صوراً عدة تمكننا من الوصول اليها بعد التحري في متون معجمه الفقهي هذا , كانت حصيلتها نماذجاً مختلفة من شخصيات نسائية تاريخية عبر عصور متباينة متباعدة , وهذا الامر جاء من ان المؤلف لايُعرف مادة معجمه حسب الحقب التاريخية المتسلسة إنما حسب طبيعة الالفاظ الفقهية والتي من خلال التفسير والشرح لها يتم استخراج هذه الشخصيات النسائية وهذا كان من الصعاب التي واجهناها في بحثنا , فضلاً عن ذلك كان الفيومي يذكر في بعض مواضع معجمه اسم المرأة فقط , أو ذكر رواية مقتضبة جداً عنها مما حدا بنا الى تناول هذه الشخصية وابراز أثرها في مجتمعها من خلال الرجوع إلى مصادرنا التاريخية المختلفة , وهذا الامر يعود الى طبيعة الكتاب نفسه , وهي الأختصار الشديد في عرض مادتهِ الأساسية , والتي من أجلها تم تأليف الكتاب ألا وهي الالفاظ الفقهية فهي فحوى معجمه والذي انعكس على ذكر الشخصيات التاريخية فيه , ولكن المنطلق الذي سرنا عليه في بحثنا عن ذلك رغم الاقتضاب الشديد في عرضها في متون المعجم , ان هذه الشخصيات النسائية التاريخية هي معروفة ولها ذكر في المصادر التاريخية السابقة لعصره والمواكبين له ولولا ذلك لما أشار اليها الفيومي في معجمه والذي هو في محصلته النهائية اختصاراً وشرحاً لاحد الكتب الفقهية الكبرى الا وهو الشرح الكبير للرافعي ( ت623ه ) . فضلاً عن أن هذا المعجم أعطانا عن المرأة معلومات , وهي كثيرة وعديدة والتي كثيراً مانجد الغالب منا يختصها ببعض المصطلحات المتنقلة بين امرأة او بنت او نساء او فتاة فجاءت الدراسة بمصطلحات عدة اضافة الى ماتم العثور عليه من زينة ولباس المرأة في متون المعجم . إما عن الدراسات السابقة عن الموضوع ومن خلال البحث والتمحيص من اجل التأكد من عدم وجود دراسة اكاديمية تناولت موضوع دراستنا ؛ فلم نجد دراسة حولها بحسب ماقمنا به من التقصي والتدقيق , وقد تم العثور على دراسات لغوية وفقهية صرفة لا تمد بأي صلة لامن قريب ولا بعيد بموضوع دراستنا منها رسالة ماجستير المقدمة من قبل الباحثة رنا ريسان مهنا الى جامعة بغداد , كلية التربية ابن رشد عام 2017م تحت عنوان " الملمح الاجتماعي في معجم المصباح المنير للفيومي " , اضافة الى دراسات اخرى من خارج العراق منها دراسة بعنوان " المسائل النحوية والصرفية في معجم المصباح المنير في غريب الشرح الكبير لاحمد بن علي الفيومي المتوفي عام 770ه جمعا ودراسة " في جامعة الازهر / مصر عام 2008م لجابر حامد واخرين , ودراسة اخرى تحت عنوان " معاجم المصطلحات الفقهية المصباح المنير في شرح … " في الجزائر عام 2009م , وهذه الدراسات برمتها بعيدة عن دراستنا وهي دراسات فقهية لغوية صرفة . ومما تجدر الإشارة اليه ايضا أن حصيلة بحثنا ودراستنا تمخضت في فصول متباينة في حجمها , وهذا ألامر لايشكل خللاً بتوازن الفصول من الناحية العلمية وإنما من الناحية الشكلية , فقط وذلك بحسب طبيعة كل فصل من حيث العنوان , وماتم التوصل اليه من مادة اعتمادا على ذلك , ووفق ماذكره الفيومي في معجمه . وعلى الرغم من اهمية الموضوع ومتعة الدراسة والبحث فيه من الناحية الادبية إلا أن الباحثة واجهت بعض الصعوبات , منها قلة المصادر عن المؤلف نفسه إذ لم نجد عن حياته وسيرته الشخصية ونشأته الشيء الكثير, ويبدو ان ذلك لم يكن يخص الفيومي بحد ذاته إنما شأنهُ شأن العديد من الأعلام إذ لم تكن حياتهم الاولى ذات اهمية لذا لم تسلط عليهم الأضواء الا بعد أشتهارهم , والخروج بمؤلفاتهم فيما بعد, فضلاً عن الصعوبات الاخرى والتي من اهمها هو الاختصار في ذكر المعلومة التاريخية كما نوهنا الى ذلك سلفا . وقد اقتضت الدراسة الى تقسيمها على ثلاثة فصول تسبقها المقدمة , وعرض المصادر مع خاتمة للدراسة مع قائمة بالمصادر والمراجع المستخدمة , وملحق الدراسة , وملخص الرسالة باللغة الانكليزية . وكان الفصل ألاول تحت عنوان (عصر الفيومي وسيرتهِ) تناولنا فيهِ حياة الفيومي وقسمناهُ على ثلاثة مباحث : المبحث الاول كان بعنوان(الدولة المملوكية 648-923ه / 1250-1517م ) , والمبحث الثاني بعنوان ( عصر الفيومي ) , والمبحث الثالث بعنوان ( حياة المؤلف وسيرته العلمية ) . اما ألفصل الثاني فقد خُصص لدراسة المرأة عند الفيومي تحت عنوان ( المرأة واثرها في المجتمع من خلال المصباح المنير ) , وقد قسمناهُ الى ثلاثة مباحث : المبحث الاول كان بعنوان ( مكانة المرأة في المجتمع عبر العصور المختلفة ) , والمبحث الثاني بعنوان (الشخصيات النسائية الوارد ذكرها عند الفيومي واثرها في مجتمعها ) , والمبحث الثالث كان بعنوان (زينة المرأة وملابسها ) . اما الفصل الثالث فكان بعنوان ( موارد ومنهج الفيومي في معجم المصباح المنير ) وقد قسمناهُ الى مبحثين , المبحث الاول كان بعنوان ( موارد الفيومي ), والمبحث الثاني كان بعنوان ( منهج الفيومي ) .