You are currently viewing رسالة ماجستير علاء عواد / بعنوان: الحِجاجُ اللغويّ في مَقاماتِ ابن الجوْزيّ (ت597هـ)

رسالة ماجستير علاء عواد / بعنوان: الحِجاجُ اللغويّ في مَقاماتِ ابن الجوْزيّ (ت597هـ)

المستخلص

فإنّ المقامة جنس أدبيٌ عربيٌ أصيلٌ، قيل إنّه أنشئ لتعليم الطلبة على كيفية استعمال أساليب اللغةِ وألفاظها، بطرقٍ أدبيّة، تمكّن المتكلم من التأثير في المستمع، بوساطة رسم صور حسّية مألوفة للمستمع، يتخيّلها، فيقتنع بما يُقدّم له عن طريقها، وبما أنّ الحِجاج يعتمد اعتمادًا مباشرًا على الأساليب اللغوية المعروفة بـ (العوامل الحجاجية)، وكذلك حروف العطف المعروفة بـ (الروابط الحجاجية)، والتي تعمل على تكوين الحجج، فضلًا عن ذلك تعمل على إبراز قوة الحجة أو ضعفها، وبيان موقعها من السلم الحجاجي، فإنّها تعتمد في قوتها على قربها من النتائج، لذلك فإنّ المقامة والحجاج عنصران لا يفترقان، كلاهما يهدف الى التأثير في المستمع بما يتاح له من الوسائل اللغوية، من أساليب لغوية، أي عوامل حجاجية، أو حروف العطف، أي الروابط الحجاجية.

لذلك، وانطلاقًا مما قدمناه، تولّدت فكرة البحث في الدراسات الحجاجية، بعد أن تطرّق إليها الأساتذة الكرام في لجنة السمنر ومنهم الاستاذ الدكتور محمد صالح الذي وجهني لهذا الاتجاه اللغوي وكذلك العنوان ويعود الفضل اول الامر لله ثم للدكتور نصيف مشرفي واستاذي بإقناعي في التوجه الى الدراسات اللسانية ، الذين وسّعوا مداركنا بعد ما كانت هذه الدراسات غريبة علينا ولم نفقهها، وكذلك رغبةً منا في إحياء مقامات ابن الجوزي (رحمه الله).

بما أنّ المقامة والحجاج يعتمدان على اللغة، وما فيها من وسائل وأساليب، فقد عملنا عن طريق هذا البحث في الوقوف على، كيفية تطبيق النظرية الحجاجية في هذه المقامات، مع بيان أهمية الروابط الحجاجية، ودورها الفعّال في إتاحة الفرصة للمتكلم في توسيع الحجج، وترتيبها في هذه المقامات، فضلًا عن تحديد مواقع الحجج في هذه المقامات، بوساطة السلمية الحجاجية، ودرجتها في السلم الحجاجي، في مقامات ابن الجوزي (رحمه الله)، وإظهار وظائف العوامل الحجاجية، وأهميّتها في حصر الاحتجاج، وتوجيه الكلام نحو نتيجة معينة، يبتغيها ابن الجوزي، بوساطة تأليفه هذه المقامات.

 قسمت هذه الدراسة على تمهيد وأربعة فصول، احتوى التمهيد على التعريف بأبن الجوزي ومقاماته، وكذلك التعريف بالحجاج العقلي، والأصل اللاتيني لكلمة الحجاج، وتقسيم العلماء الحجاج على ثلاثة أقسام، حسب الأسبقية الزمنية، منذ النشأة الى يومنا هذا، مع تحديد مراحل التطور التي مرّت بها النظرية الحجاجية، وبيان خصائص النص الحجاجي.

أما الفصل الأول، فقد ضمّ ثلاثة مباحث، الأول منها كان مَدخلا للروابط الحجاجية في مقامات ابن الجوزي، وقد عرّفنا فيه الروابط الحجاجية، وكذلك توضيح الدور الأساس للعالمـ (ديكرو)، في بيان الروابط الحجاجية وأهميتها، وتحديده للمبادئ التي تقوم عليها النظرية الحجاجية، مع ذكر تقسيم الروابط الحجاجية على أقسام عدة من قبل الدكتور أبو بكر العزاوي، وتناول المبحث الاول روابط العطف الحجاجية (و، ف، ثم)، مثالًا لها، أما المبحث الثاني فكان في روابط الاستدراك الحجاجية (لكن، بل، حتى).

أمّا الفصل الثاني، فقد ضمّ مَدخلاً للعوامل الحجاجية في مقامات ابن الجوزي (رحمه الله)، عرّفنا فيه العوامل الحجاجية مع ذكر وظائفها وأقسامها، المبحث الاول حدد بـ (القصر بـ (إنّما)، وعاملية النفي والاستثناء الحجاجية) وكان القصر بـعامليتي النفي والاستثناء (ما … إلّا، ولا … إلاّ) مثالا لها، والقصر بـ (إياك) أيضًا، أمّا المبحث الثاني فكان في استعمال أفعال المقاربة، وكذلك الترجي بـ (عسى، ولعل)، كعوامل حجاجية، وكذلك أدوات الشرط (لو، ولولا)، مثالًا لها.

الفصل الثالث، تم فيه تحديد قوة الحجج المقدمة في مقامات ابن الجوزي (رحمه الله)، وضعفها، تبعًا لقرب الحجج من النتيجة أو بُعدها عنها، وقد ضمّ هذا الفصل مدخلاً للسلالم الحجاجية، ومبحثين، الأول: بحث في القرائن الحجاجية (العوامل والروابط+ الحجاجية)، كأداة للسلّم الحجاجي، كذلك الصيغة الصرفية من (صيغ المبالغة، وأفعل التفضيل)، مثالًا لها، أمّا المبحث الثاني فكان في أنواع السلالم الحجاجية، وقوانينها الثلاثة (قانون تبديل الاسلم الحجاجي، قانون القلب، قانون الخفض).

الفصل الرابع ــ وهو الأخير ــ فقد ضمّ مدخلا للحجاج العقلي، مبينا نوع الحجة  ومفهومها المصطلحي تعريفًا وترتيبًا، مع ذكر نماذج لتواصلية الحجج، وعناصر الأقوال، وقواعد الخطاب الحجاجي، والمبحث الثاني ضمّ الحجج شبه المنطقية، التي تعتمد على البنى المنطقية للحجاج، كـ (حجة التناقض، وعدم التناسب، وحجة التماثل والحد، والحجة القائمة على العلاقات التبادلية)، مثالَا لها، كذلك الحجج شبه المنطقية القائمة على العلاقات الرياضية، ومنها (حجة التعدية، حجة التقسيم، حجة الاشتمال، حجة الاحتمال)، أمّا المبحث الثاني فكان في الحجج المؤسسة على بنية الواقع، وهي على قسمين، الأول الحجج المؤسسة لبنية الواقع المستندة إلى بنية الواقع، ومنها (حجة التتابع، والحجة الغائية، وحجة التعايش)، والثاني الحجج المؤسسة لبنية الواقع المبنية للواقع، ومنها (حجة الشاهد، وحجة المثال، وحجة القدوة، وحجة المقارنة).

 اعتمد الباحث على تقسيم الحجج في هذا الفصل على تقسيمات الدراسات السابقة، وأخص منها بالذكر: (الحجاج في الشعر العربي بنيته وأساليبه)، للدكتورة سامية الدريدي, الذي جاء على فصلين وخمسة ابواب قسم الفصل الاول على بابين , والفصل الثاني قسم على ثلاثة ابواب, وما يهمنا فيه هو الباب الثاني من الفصل الثاني الذي جاء بعنوان: (بنية الحجاج),  حيث قسمت الحجج فيه على حجج شبه منطقية , والحجج المؤسسة على بنية الواقع , والحجج المؤسسة لبنية الواقع, والحجج التي تستدعي القيم, والحجج التي تستدعي المشترك.

كذلك قد اعتمدنا على (التكوين النحوي للخطاب الحجاجي في شعر المتنبي), للدكتورة هدى نجاة رشيد؛ احتوى هذا الكتاب على مقدمة, وتمهيد, وقسم على ثلاثة فصول لكل فصل منها مباحث ومطاليب, فكان الفصل الاول مبني على مطلبين الاول منهما في جاء بعنوان: (تقانات الحجاج عند المتنبي), حيث قسم على ثلاثة اقسام : الحجج شبه المنطقية, الحجج المؤسسة على بنية الواقع, الحجج المؤسسة لبنية الواقع, أما المطلب الثاني فكان بعنوان: (السلم الحجاجي في شعر المتنبي), وذلك لأن الباحث وجدتها أكثر الدراسات ارتباطا بموضوع الحجج تفصيلاً وتحليلاً لها .

 اعتمدت في دراستي هذه على المنهج الوصفي القائم على التحليل، لوصف النظرية الحجاجية، وكيفية تطبيقها على مقامات ابن الجوزي، وتحليلها لبيان مواطن الشواهد، وتحديد العوامل الحجاجية، والروابط، وأنواعها، ووظائفها، وأهمّيتها في العملية الحجاجية، بوساطة السعي في إقناع المستمع، والتأثير فيه، كما إنّنا تنقلنا بين المناهج البحثية على حسب الحاجة، كالمنهج التاريخي، الذي أفدنا منه في مراحل نمو النظرية الحجاجية وتطورها.

أما الصعوبات التي واجهتني فهي في كيفية رصد النصوص ونوع الحجج المستعملة فيها وما هو أثرها مع البحث في العلاقة بين الحجة ومعنى النص والنتائج المترتبة عليها.

اترك تعليقاً