You are currently viewing أطروحة دكتوراه رغد اسماعيل / بعنوان: الصّورة الذّهنية في الشّعر العباسي

أطروحة دكتوراه رغد اسماعيل / بعنوان: الصّورة الذّهنية في الشّعر العباسي

المستخلص

    يُمثل ‏موضوع الصورة الذهنية الذي اقترحه أ. د. إياد الحمداني منطلقاً  للدراسة الموسومة بـ((الصورة الذهنية في الشعر العباسي))، فكانت انطلاقة لإثراء تجارب الشعراء العباسيين وإثراءً للوحاتهم التي رسموها إبداءً لرؤاهم الفكرية وأحاسيسهم وتوجهاتهم وسلوكهم متخذين من الواقع المعيش ممزوجاً بالخيال رافداً يعينهم على تشكيل تلك الصور المتنوعة.

     استعمال الصورة الذهنية في مجالات معرفية متعددة منها البحث الاجتماعي المعاصر والفلسفة وعلم النفس وعلم النفس الاجتماعي، وحاولنا في بحثنا هذا نقل الصورة الذهنية بما تحمله من تصورات الى ميراث الادب زعماً منها أنَّ أدواتها المعرفية يمكن ان تكشف عن رؤى جديدة في مجال الشعر يتألف فيه الفكر والحس.

ان الموروث الشعري العربي يحمل طاقات كامنة لها ابعاد ومكونات تمثل رؤى جمالية فكرية وتأثرية شعورية متعددة المغذيات تبتعد عن الواقع فيها ذهنية عالية تحقق الدهشة والاغراب، وتكسر افق توقع المتلقي وهو يحول الربط بين عناصرها وايجاد التناسب بينها.

 ولقد كان للتحولات الذهنية والمغايرة المعنوية اكبر الأثر في الانجذاب لدراسة نصوص الشعر العباسي التي هي قرينة الاثارة النفسية بما تحمل من غرابة وتفرد في عرض الأفكار والقيم، وتجاوز الواقع والتقاليد العربية والذاكرة الجمعية للغة نحو التطور الفكري للمجتمع مما اتاح للمتلقي مساحة أكبر في التأويل والفهم والتخييل، مثلت ‏هوية حداثوية استقطبت أشكالاً جديدة وأغراضاً كتبت بطرائق غير مألوفة.

‏  وقد رصدت الباحثة توظيفًا ذهنيًا حقق نوعاً من المغايرة في معالجة الموضوعات الشعرية وتحولات متنوعة ومتعددة بفعل الانفتاح الثقافي وتعدده وتنوعه فهي تقوم على مخاطبة العقل والعاطفة معا أساسها الفكر المغاير، والفهم، والتفسير، والتأمل، والعاطفة والأثر النفسي في تحقيق طرائق الأداء، والتدقيق، أو التفصيل، وقد انتبه لها العلماء والأدباء القدماء في الشعر العباسي، وللصورة الذهنية جذور في الشعر الجاهلي.

 وقد حاولت الدراسة قدر الإمكان استيعاب نماذج من الشعر العباسي تتوافق من حيث ‏الروعة والسمات الادبية مع مفهوم الصورة الذهنية والمعايير التي قايست الدراسة في ضوئها النماذج الشعرية مع السمات والمعايير، والتي حملت خصوصية في توليد الصورة الذهنية. والمراوغة الشعرية القائمة على المغايرة والالتفاف بتوظيف المعاني المستحدثة المرتبطة بالتداعي والمبالغة بطريقة تتحول فيها القيم إلى عناصر متغيرة جذابة ومدهشة.

    وقد جاءت الدراسة لتأصيل الصورة الذهنية والكشف عنها عند الشعراء العباسيين وما فيها ‏من رؤى وأفكار ومشاعر بأسلوب واضح ولغة جميلة ذات دلالات عميقة مستعينين بمغذيات ثقافية ومعجم لغوي ثر أغنى نصوصهم الشعرية بدلالات تنم عن رؤى واقعية لمشكلات المجتمع والعصر بأبعاده الفكرية والسياسية والدينية مما القى بظلاله على تحديد ملامح الصورة الذهنية عند شعراء هذا العصر وتوظيف رؤاهم الشعرية بطريقة خارجة عن العرف لتشكيل لوحات فكرية التي تأخذ المتلقي بعيداً إلى عوالم متوارية لتشاركها تجربته الشعرية. وأما خطة البحث فتسير على وفق المنهج الوصفي التحليلي والمنهج النفسي مقسمة على مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول. تناولت في التمهيد تأصيلاً للصورة الذهنية عند القدماء والمحدثين وعلاقة الصورة الذهنية بالخيال ودور المدركات الحسية والعقلية في تكوين الصورة الذهنية وخلقها واثر المجاز في تنوع دلالاتها.

    وكان الفصل الأول يتناول سمات الصورة الذهنية وهي عديدة وأبرز ما يلتمس منها هي الغرائبية والتفرد والدقة والتفصيل والحجاجية والانفتاح الزماني والمكاني. والفصل الثاني الذي جعلته على ثلاثة مباحث تقوم عليها الصورة الذهنية وظيفياً وهي المعرفي والعاطفي والسلوكي وأنواعها، أما الفصل الثالث فكان على ثلاثة مباحث: الأول تكلمت فيه عن القيم التي تدور حولها الصورة الذهنية والتحولات الفكرية التي مرت بها المعاني.

    ومن المعوقات التي واجهت البحث والباحثة هو نقص المصادر ذات الصلة بالموضوع، وغياب الدراسات التي تدخل في صلب البحث إلا ما ندر مثل كتاب: (الصورة في الشعر العربي حتى القرن الثاني الهجري دراسة في اصولها وتطورها للدكتور علي البطل) ، وكتاب البنى الناطقة تطبيقات في الشعرية العربية ومظاهرها الاسلوبية أ.د. اياد الحمداني، ودراسة الباحثة ضحى ظاهر الموسومة بـ(الاستشراف في القصيدة العراقية الحديثة) ودراسة الباحثة دعاء حسن جواد الموسومة بـ(تحسين القبيح والعدول الذهني في الشعر العباسي مقاربة نقدية).

انتهاءً بخاتمة وأهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة في الشعر العباسي الذي كان وما زال يمثل شغفاً منيراً يتطلع إليه العاشقون ويبحر في أعماقه الباحثون وراء الكشف عن صوره ومكنونات عوالمه والواعي المنتشر فيه والذي أعانني على كشف أغوارها الأستاذ الدكتور سعد جمعة الدليمي إذ لم يكن مشرفاً فحسب بل موجهاً ومنبعاً للثقة والخبرات العلمية ولم يبخل عليّ يوماً برأيه وتوجيهاته السديدة فجزاه الله عني خير الجزاء.

اترك تعليقاً