المستخلص

فالدراسات اللغوية تتنوّع بتنوّع حقلها المعرفيّ، منها ما يختصّ بالمناهج أو الفكر أو الأصول أو النظريات أو دراسات وجهود تهتمُّ بجمع شتيت علم اللغة من المؤلفات والمصنفات الأخرى، وتتابعت جهود الباحثين؛ لإظهار تلكم الطروحات على اختلاف ِأشكالها ومضامينها حتى أغنت المكتبة العلمية وأثرت هذه اللغة الخالدة بخلود كتاب الله U.وما أن ألقي عليّ اختيار الموضوع حتى بحثت عن ما يتماشى مع رغبتي، تلك الدراسة التي تعتني بجمع ما تناثر من مباحث لغويّة في المؤلفات القديمة التي اشتملت على إرثنا الحضاري، ومنها بل وأبرزها كتب الحديث الشريف التي تُعدّ المصدر الثاني في التشريع والاستدلال، وخير ما تيسّر لي منها كتاب (حاشية السندي على سنن الإمام الترمذي) _ رحمهما الله_  ولا يخفى على كل ذي لبّ ما تحمله تلك الكتب من مباحث صرفية ونحوية فضلا عن غيرها من مباحث لغوية أخرى.ولمّا توسعت دائرة التأليف جاءت الحواشي توضيحًا لسابقتها التي تزيل اللثام عمَّا أُبهم من المتون، ونتج عن هذه الحركة التأليفية تفسيرات لغوية على مستوى التركيب والبنية، فكانت هذه المؤلفات وعاءًا متينًا وإناءًا حافظًا لتلك المباحث مع ما تحمله من علوم أخرى من حديث وفقه وتفسير وسيرة وما إلى ذلك.. ، ممّا يظهر علم علمائنا الأوائل وحبّهم لدينهم ولغتهم، واجتمعت كل هذه الأسباب لتنسجم في فكرة دراسة وُسِمت بـ (المباحث الصرفيّة والنحويّة في حاشية السندي “ت 1138 هـ” على سنن الترمذي).والإمام السندي ذلكم العالم الذي تنوّعت حواشيه على كتب الحديث، أظهر من خلالها قوّة الإيضاح في العبارة ورصانة في التحليل على مستوى الصوت والبنية والدلالة والتركيب؛ لقناعته وغيره من أقرانه بأنَّ العربية من عُدد الشارح والمُحشّي. ومن هنا تبرز أهمية الموضوع فوُظفت الدراسة لجمع تلك المباحث ووضعها في قوالب مخصوصة, تُغني الباحث عن الرجوع إلى هذه المواطن من الكتب التي جُمعت منها، فضلًا عن ما تقدم فالسندي معنيّ بدراسة جوانب وقضايا صرفية ونحوية متعلقة بالأحاديث النبوية الشريفة التي تضمنتها حاشيته علاوة عن الاطلاع على آراء العلماء الآخرين في هذه القضايا. إن رسالتي تختّص بجمع المتفرّق من هذه المسائل مُرتّبةً على مباحث ومطالب، ثم عرضها على كتب اللغة وتحليلها تحليلًا علميًا يستند إلى ركن شديد من المصادر والآراء اللغوية، وهي بذلك دراسة وصفية تحليليّة، إذ حاولت استيعاب المادّة ما استطعت إلى ذلك سبيلًا.