المستخلص
… تعد النظم الاقتصادية من اهم الجوانب في دراسة سياسة الدولة المالية, فهي من اهم روافد ديمومة الحياة الانسانية في جميع أوجه نشاطاتها وعامل مهم في ازدهار المجتمعات اقتصادياً واجتماعياً، ولذا كان لزاماً على الدولة أن توجه عنايتها الفائقة في تنمية مواردها الاقتصادية وتوجيه الطاقات البشرية وتبادل الخبرات من اجل تحقيق مصالح العباد والبلاد ورفع المستوى المعيشي، بما يحقق حياة كريمة للإنسان.
الحقيقة أن دراسة اقتصاد الدولة لا تنحصر في كتب التاريخ فحسب، و أنما تشمل جميع حقول المعرفة من العلوم ,ومن هنا اصبح لزاما على الباحث التاريخي ان يكون واسع الثقافة مطلعا على المصادر الاخرى من غير كتب التاريخ للإفادة منها في دراسة النظم الاقتصادية وهي كثيرة ومتنوعة لاسيما منها الكتب الفقهية التي تعد ذات قيمة علمية غنية بالجوانب الاقتصادية فضلا عن جوانبها التاريخية التي جاءت اغلبها عرضا في تضاعيف تلك المصادر، ما يدعو الباحث التاريخي الرجوع اليها والافادة منها في دراسة اقتصاد الدولة.
وفي ضوء هذه المعطيات وقع اختيارنا الى دراسة النظم الاقتصادية في كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة الورغمي (ت803هـ) فالفقيه ابن عرفة من مشاهير العلماء في الفقه الاسلامي وكتابة (المختصر الفقهي ) لم تنحصر دراسته بالجوانب الفقهية فحسب، وانما تناول النظم الاقتصادية وتفاصيل الاحكام والتشريعات المتعلقة في نمط الحياة المدنية في نهجها الاقتصادي.
وبناء على ما تقدم كان احد اسباب اختيار موضوعنا هذا، اذ تولدت القناعة لدينا ان كتب الفقه كغيرها من كتب التاريخ، يوجد فيها الشيء الكثير عن النظم الاقتصادية التي تشجع الباحث على دراستها، وهنا لابد ان اذكر دور استاذي المشرف الاستاذ الدكتور حامد حميد عطية، الذي كان له الفضل في اختيار عنوان الاطروحة والتشجيع على دراسته، حيث لم يبخل علي بأي جهد او مشورة جزاه الله عنا خير جزاء.
وبحسب اطلاعنا وطوال مدة البحث لم نجد هناك دراسة علمية تطرقت الى دراسة النظم الاقتصادية او كتبت عن جوانب هذا الموضوع .
وبطبيعة الحال لم تخلوا هذه الدراسة من الصعوبات خلال مدة الدراسة، ولعل من ابرزها سعة الموضوع وتداخل موضوعاته مع كتب الحديث والفقه، ومنهج صاحب الكتاب التفصيلي مما حتم علينا ضرورة التتبع للأحداث التاريخية المتعلقة بالنظم الاقتصادية، ومحاولة تحقيق قدر اكبر من الدقة عبر المقارنة والمقابلة مع المصادر المتخصصة الاخرى، التي تهتم بذات المجال , ولذا فقد التزمت الدراسة بالمنهج التاريخي الوصفي، الذي اعتمد على تتبع كافة اشكال النظم والتعاملات الاقتصادية، وبين الاضافة التي قدمها ابن عرفة في هذا المجال .
اقتضت الدراسة إلى تقسيمها على اربعة فصُول سبقتها مقدمة تطرقنا فيها لأهمية الموضوع، وتحليل المصادر والمراجع، وتلتها خاتمة أجملنا فيها أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة، وأعقبتها قائمة المصادر والمراجع، وملخص الرسالة باللغة الإنكليزية.
جاء الفصل الاول بعنوان : حياة ابن عرفة الشخصية والعلمية، وتضمن اربع مباحث ،المبحث الاول : نشأة ابن عرفة، المبحث الثاني : بيئة ابن عرفة وعصره، المبحث الثالث : سيرته العلمية، المبحث الرابع : التعريف بكتاب المختصر الفقهي لابن عرفة.
أما الفصل الثاني: فقد خصص لدراسة: الموارد والنفقات في ضوء ما ورد في كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة، وقد تضمن مبحثين : المبحث الاول : الموارد المالية العامة وجاء فيه اولاً : الزكاة واهميتها وشروطها، وثانياَ :الغنيمة ومشروعيتها، وثالثاً: الفيء ومشروعيته، رابعاً : الجزية واحكامها، أما المبحث الثاني فجاء بعنوان النفقات المالية، وجاء فيه اولاً: زكاة الفطر، وثانياً : مصارف اموال الزكاة، وثالثاً : تقسيم الغنائم، ورابعاً: العطاء .
أما الفصل الثالث : النشاط الزراعي والنشاط الصناعي، اشتمل على مبحثين، فالاول : النشاط الزراعي، وتناول اولاً: انواع ملكية الاراضي الزراعية، ثانياً: المعاملات الزراعية، ثالثاً: مصادر المياه، رابعاً المحاصيل الزراعية، و المبحث الثاني الذي جاء بعنوان : النشاط الصناعي، تناول اولاً: الرعي، ثانياً : النجارة، ثالثاً: صناعة النسيج، رابعاً : الخياطة، خامساً: الدروع، سادساً: الحدادة، سابعاً : الدباغة، ثامناً: صناعة الات الصيد، تاسعاً: صناعة الخمر، عاشراً: المكاييل والاوزان .
وجاء في الفصل الرابع : البيوع والمعاملات التجارية، اشتمل على مبحثين، فالاول بعنوان البيوع واحكامها، وفيه اولاً: البيوع لغة واصطلاحاً، ثانياً: مشروعية البيع، ثالثاً: احكام البيوع، رابعاً: البيوع المشروعة المتاحة واحكامها، خامساً: البيوع التي نهى الشرع عنها، أما المبحث الثاني جاء بعنوان : المعاملات التجارية، واشتمل على ، اولاً: الشركة، ثانياً : الرهن، ثالثاً: الاجارة، رابعاً: الوديعة، خامساً: الحجر، سادساً: التفليس، سابعاً: الهبات، ثامناً: العارية، تاسعاً: الحوالة، عاشراً: الوكالة، احدى عشرة : الغصب .