المستخلص
فهذه الدراسة عن الجسد المقموع والمهزوم في الشعر الأندلسي دراسة في الرؤية والتشكيل، وقد تعرضت في بحثي هذا إلى أشعار شعراء الأندلس، حيث جمعت هذه المدة بين حياة الترف والتأثر بالطبيعة والغلوّ في ملذات الحياة، وبين فترات الحروب والضعف والتفكك، وبين الممالك والإمارات في عصر الطوائف فمنها القويّ ومنها الضعيف، كل ذلك قد جعل هناك بيئة خصبة لدراسة تأثيرات تلك التغيرات على جسده. حيث تعددت التأثيرات على الجسد عند الشاعر الأندلسي فأخرج إنتاجاً شعرياً أثرى به الديوان العربي، وقد تناولت الدراسة الحالية دواوين شعرية عدة لشعراء هذه المدة أمثال: (المعتمد بن عباد، ابن الجنان، الأسعد بن بليطة، ابن دراج القسطلي، مرج الكحل الأندلسي، الرصافي البلنسي، الإمام ابن حزم الظاهري، الأعمى التطيلي، أبي إسحق الإلبيري الأندلسي، ابن شهيد الأندلسي، ابن سهل الأندلسي، ابن زيدون، ابن خفاجة، ابن حمديس، ابن الزقاق البلنسي، ابن الصباغ الجذامي، ابن الحداد الأندلسي).
وقد تكونت الدراسة من تمهيد وثلاثة فصول، وخاتمة، ثم جاء ذكر المصادر والمراجع، وجاء في التمهيد تعريف الجسد في اللغة والاصطلاح، ثمَّ تم ذكر علاقة الجسد بالمجتمع مع توضيح البناء الاجتماعي للجسد، ثم تمظهرات السلطة التي تؤثر على الجسد؛ كسلطة المجتمع وسلطة العقاب، وفي النهاية؛ ذكرنا مفهوم الجسد الذي تتبناه الدراسة بوصفه الرابط بين ما يعانيه الجسد من آثارٍ نفسيةٍ قد يُترجمها الجسد في صورٍ محسوسة تُشعِر بمدى القمع أو الانهزام.. الواقع عليه.
ثم جاء الفصل الأول بعنوان (الجسد المقموع والمهزوم)، وتكون من مبحثين: المبحث الأول فقد تناولنا فيه الجسد المقموع من حيث المفهوم في اللغة والاصطلاح، فالقمع هو رغبة مكبوتة عند الإنسان لم يستطع تحقيقها فأثرت على جسده سلباً بالقمع، ثم تناولنا بعض النماذج من الشعر الأندلسي التي تعالج القمع الجسدي وأتبعناها بشيءٍ من التحليل، أما المبحث الثاني فقد تناول الجسد المهزوم، ومفهوم الانهزام في اللغة والاصطلاح، وأبعاد الهزيمة والمراحل التي يمر بها الجسد ليصل إلى مرحلة الانهزام، ثم بعض الأشعار التي تعالج الانهزام عند شعراء الأندلس في تلك الحقبة، وقد أتبعناها بتحليل الأبيات دراسة في الرؤية والتشكيل.
أما الفصل الثاني فقد جاء بعنوان (الجسد البالي والمرمم)، وقد تكون من مبحثين: المبحث الأول عن الجسد البالي؛ حيث ذكرنا مفهوم فيه الجسد البالي في اللغة والاصطلاح بوصفه الجسد غير القادر على القيام بأعماله بطريقة صحيحة وهو ما يُؤدي به إلى الإحباط لمحدودية قدراته، ثم أتبعنا ذلك بأبياتٍ من الشعر الأندلسي التي تعالج هذا المفهوم، وأتبعنا ذلك بالتحليل، أما المبحث الثاني فقد جاء بعنوان: الجسد المرمم، وقد تناولنا فيه مفهوم الجسد المرمم لغةً واصطلاحاً بوصفه جسداً لديه طموح وإصرار يجعل صاحبه يتعافى من السقم ويتداوى بعد المرض، وأتبعنا ذلك بنماذج من الأشعار الأندلسية التي تُعالج هذا المفهوم وأتبعناها بتحليل الأبيات دراسة في الرؤية والتشكيل.
أما الفصل الثالث فقد جاء بعنوان (الجسد المحروم والفاني)، وتكون من مبحثين، المبحث الأول تناولنا فيه الجسد المحروم لغة واصطلاحاً بوصفه جسداً حُرم من أحد حقوقه الأساسية، أو تعرض لإصابة جعلته يعاني الحرمان، ثمَّ أتبعنا ذلك بأبياتٍ من الشعر الأندلسي الذي يعالج هذا المفهوم، وقد أتبعناها بشيءٍ من التحليل، أما المبحث الثاني فقد تناولنا فيه الجسد الفاني، وفرقنا فيه بين الموت والفناء حيث الفناء أعم من الموت فالموت يطال الجسد أما الفناء قدد يتعدى ذلك ليصل إلى الروح، وقد وأتبعنا ذلك بنماذج من الأشعار الأندلسية التي تُعالج هذا المفهوم وأتبعناها بتحليلٍ لهذه الأبيات دراسة في الرؤية والتشكيل.
وفي النهاية كانت خاتمة الدراسة وقد تناولت النتائج التي خرجت بها الدراسة الحالية، وأتبعناها بقائمة المصادر والمراجع التي استقت منها الدراسة مادتها العلمية، متضمنة دواوين شعراء الأندلس. ومن الصعوبات التي واجهتني في هذه الدراسة: هي صعوبة الحصول على المصادر بصفةٍ عامة.
وقبل الختام أتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى السيد عميد كليتنا الأستاذ الدكتور (لؤي صيهود فواز التميمي) لتفضلهِ علي بهذا العنوان، فلهُ مني جزيل الشكر والعرفان على ما قدَّمهُ وما بذله من جهد وعناء، كما أشكر مشرفي الأستاذ المساعد الدكتور (جاسم محمد حسين) لقبولهِ الأشراف على الرسالة، ولملاحظهِ وآرائه التي كان لها الأثر الكبير في هذهِ الرسالة، وأشكر جميع أساتيذي في قسم اللغة العربية لما قدَّموه لنا من جهد ومن معرفة فجزاهم الله عنَّا خير الجزاء.
وفي الختام نرجو أن نكون قد وفقنا في هذا الطرح الذي سعينا من خلاله إلى عرض بعض التمظهرات التي قد أثَّرت على الجسد عند الشاعر الأندلسي في تلك الحقبة من العصر الأندلسي الذي بلغ ازدهاره الآفاق، وكيف أن أجساد الشعراء قد تأثرت بتلك التمظهرات فأصابته بالقمع تارة والانهزام تارة أخرى والحرمان أو الفناء.. وكيف أظهرت أشعارهم كل ذلك بشكلٍ جليّ.