المستخلص
إنَ إحدى مهام الدولة هو ضمان تحقيق العدالة الاجتماعية للأفراد الذين يقطنون في كنفها ،حيث تستأثر العدالة الاجتماعية الاهمية البالغة في بناء الامم والتي قامت المطالبات والثورات في العالم كافة من أجل الوصول اليها ،فبُذلت الجهود السياسية والمنطلقات الفكرية العالمية لتحقيقها، عن طريق تدعيم المبادئ ذات الصلة بها من تعزيز مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص وضمان الحقوق الاجتماعية كحق العمل والضمان الاجتماعي والرعاية الصحية لكافة المواطنين .
فانطلقت الخطط العالمية الدولية والاقليمية في نطاقها بتفعيل آلية الوصول الى العدالة الاجتماعية عبر اجهزتها وبرامجها ،وبما تركز الدور الكبير لقيام منظمة العمل الدولية بتبني ضمان ورقابة واعداد برامجها المعدة للعدالة الاجتماعية للوصول الى العيش الكريم ،حيث اخذت الابحاث والدراسات الدولية والاقليمية والبرامج التنموية في تظمينها في دساتيرها مستهدفة ايجاد آلية تعاونية لضمانها وفي اطار حقوق الانسان وانعكاساتها عليها .
وعليه أن دراسة التنظيم القانوني للعدالة الاجتماعية يستهدف بيان السياسة العامة المتبعة من قبل الدولة في توزيع الثروات بصورة عادلة ومنصفة وضمان حق الافراد في المساواة في الفرص كافة والقضاء على التمييز في العمل ،وضمان الحمايتين الدستورية والقضائية للعدالة الاجتماعية عبر توظيف حق الافراد في المطالبات الدستورية والقضائية بالقضاء على الرشوة والمعاملة العادلة والقضاء على التمييز بين الكافة .
وفي ضوء ذلك تبين لنا أن المشرع العراقي ضمن مبادئ العدالة الاجتماعية في بعض الدساتير الملغاة، ونص عليها في الدستور العراقي لعام 2005 النافذ في المادة (22)منه ،وكفالة تحقيقها عبر تشريعاتها ومنها قانون العمل النافذ رقم (37) لسنة 2015 في المادة (2) منه، وقانون الضمان الصحي رقم (22) لسنة 2020 في المادة (5) منه ،مع ما وضحته المحكمة الاتحادية من تفسيرات دستورية لمبدأ العدالة الاجتماعية التي كانت الابرز في الغاء المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب ، و حق الافراد في الملكية العامة للثروات النفطية وتوزيعها العادل وما فسرته من قرارات الزمت بموجبها ضمان تحقيق العدالة الاجتماعية .
حيث افرزت مبادئ العدالة الاجتماعية جملة من الاثار التي انعكست بصور واضحة على حقوق الانسان ومنه الحقوق المدنية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية ،وما عكسته من اثار على حقوق الانسان الحديثة التي تشمل حقوق التنمية وحقوق الاجيال القادمة .
وتوصلت الدراسة الى ضرورة النص على العدالة الاجتماعية بصورة واضحة ولا يكفي تضمينها ضمن النصوص والتشريعات بصورة غير مباشرة والتي تمثل الهدف من تنظيمها القانوني عبر النصوص الدستورية، ومقترحاً يتضمن انشاء( وزارة العدالة الاجتماعية ) في العراق أسوة (بوزارة التنمية المحلية ) في مصر التي تعبر عن واقع العدالة الاجتماعية فيها ، فتعمل على وضع آلية استراتيجية للأعوام المقبلة ،من أجل بناء مجتمع يسود فيه العدل يتميز بكفالة المساواة في الفرص الاقتصادية والحقوق الاجتماعية للأفراد كافة .