المستخلص
تمثل الحماية الدولية في بعض الأحيان فعلاً من المجتمع الدولي لتجنب انتهاك حقوق الإنسان عامة، والأطفال العاملين خاصة، وفي الأغلب تكون رد فعل على انتهاك هذه الحقوق، إذ تشكل ظاهرة عمالة الأطفال مساساً صارخاً بحقوق الأطفال في السلامة الجسدية والنفسية والصحية وتخلق لنا جيلاً مشوهاً ومريضاً يؤثر بدوره في أجيال قادمة، ولذا تكمن أهمية هذه الدراسة الموسومة (الحماية الدولية لعمالة الأطفال واثرها في التشريعات العراقية) في محاولة التصدي لهذه الظاهرة بتسليط الضوء على الحماية المقررة لشريحة الأطفال العاملين، إذ تمحورت إشكالية هذه الدراسة حول سؤالين محوريين مفادهما: ما مدى تكريس حماية خاصة ومناسبة وكافية لفئة الأطفال العاملين ضمن النصوص الدولية والوطنية؟ وما مدى فاعلية هذه النصوص في تحقيق الحماية لهذه الفئة الضعيفة في المجتمع؟ إذ هدفت الدراسة إلى بيان سبل الحماية التي وفرتها الصكوك الدولية للأطفال العاملين، وبيان مدى توافق التشريعات العراقية معها يأتي ذلك، ومن خلال الاستعانة بالمنهج التحليلي القانوني لتحليل النصوص القانونية في الصكوك الدولية والتشريعات العراقية ذات الصلة، إذ اقتضت متطلبات الدراسة البدء ببيان مفهوم عمالة الأطفال، وتسليط الضوء على أسباب هذه الظاهرة وآثارها. وركزت على بيان ضوابط الحماية المقررة لهم من قبل المشرع العراقي، ومدى مواءمتها مع المعايير الدولية، وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من الاستنتاجات منها، إنّ مصطلح “عمالة الأطفال” بالنسبة إلى المجتمع الدولي، يشمل الأعمال التي يؤديها الاطفال كافة دون سن الثامنة عشر من العمر، وتشكل بسبب مدتها، أو طبيعتها عائقاً أمام تعليمهم، وتكون مضرة بصحتهم، ونموهم الجسدي، والعقلي، والأخلاقي، ومن ثمّ تسيء الى مستقبلهم، وتأتي العوامل الاقتصادية في مقدمة الأسباب المؤدية اليها، إذ حاولت الأحكام الواردة في الصكوك الدولية ذات الصلة الحد من استغلال الأطفال في عملهم من خلال وضع عدة ضوابط، ومن أهمها تحديد حد أدنى لسن العمل، كما جاء التشريع العراقي مواكباً لتلك الصكوك، إذ جعل سن (15) الخامسة عشرة حداً ادنى لسن العمل في جمهورية العراق، وحظر تشغيل الأطفال دون هذا السن. وأجاز تشغيل من هم بين سن الخامسة عشر والثامنة عشر عاماً وفق ضوابط معينة وأطلق عليهم مصطلح الأحداث، وخلصت الدراسة إلى مقترحات هامة منها، يتعين على الحكومة معالجة الاسباب المؤدية لعمالة الأطفال، وفي مقدمتها الأسباب الاقتصادية، وتعديل نص المادة (105) من قانون العمل النافذ، لأنَّ الجزاء الجنائي المفروض بموجبها لا يتناسب مع الحماية التي ينشد قانون العمل توفيرها للأطفال العاملين.