المستخلص
تشكل دراسة قضايا المفقودين والمتوفين أهمية بالغة في العلوم الانسانية والقانونية، إذ تعد جزءاً مهماً من أجزاء حقوق الانسان في القانون الدولي. بيد أن هذه القضية لم تأخذ الحيز الكافي من الاهتمام بسب قصور التزام الدول في تطبيق بنود الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية التي تضمنت حقوقهم المتكاملة.
وفي الوقت نفسه تعد مشكلة المفقودين والمتوفين من اعقد المشكلات التي أخذت طوابع عدة منها سياسية واجتماعية واقتصادية بارزة. فضلا على ذلك تحاول العديد من الدول التلاعب في أعداد المفقودين والمتوفين او يحجبون عن عمد المعلومات الحقيقية بغية الضغط على الطرف المعادي، أو بث الذعر وسط السكان المدنيين والتحكم فيهم، لذلك شكلت الحروب من أهم الأسباب المؤدية للكوارث الانسانية خاصة في ظل التطورات الجديدة للأسلحة ووسائل التدمير، ولازالت هذه النزاعات تسبب الكثير من المعاناة للشعوب على نطاق واسع ولعل ما شهدت عمليات القتل الناجمة على تلك النزاعات وفي إطار قانوني قوي يعالج أهم القضايا وخاصة الجانب الشخصي للمفقود والمتوفي وعائلته وظروف فقدانه وكذلك الجانب الموضوعي، والتي نعني بذلك الحد من هذه الظاهرة.
كما يشكل نظام البحث عن المفقودين والمتوفين أحد أصعب الجوانب لمواجهة آثار النزاعات المسلحة وغالباً ما تتجاهله أطراف النزاع التي تسعى إلى تحقيق أهداف عسكرية من دون النظر إلى الضحايا من المفقودين والمتوفين نتيجة الأنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الانسان والأنتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الانساني، الأمر الذي يترتب عليه المسؤولية الدولية، مع أن الحضارات الانسانية والتقاليد والأديان السماوية تؤكد على ضرورة احترام الموتى، وأن أي اعتداء عليهم يعد أنتهاكا يجرمه القانون الدولي الانساني. ونتيجة للجهود الدولية المبذولة في إطار احترام ضحايا النزاعات المسلحة من المفقودين والمتوفين، أنشأت اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977 نصوصاً تضمن هذا الاحترام، فضلاً على ذلك القواعد والتدابير العرفية، والوطنية لتعزيز هذه الحماية، وكذلك الالتزام بإحكام القانون الدولي والإحكام ذات الصلة، ولكن ما مدى الزامية النصوص القانونية التي تنص على حماية الأشخاص المفقودين والمتوفين وما مدى فعالية اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين؟
وبما أن المشرع يخصص لكل مصطلح قانوني دلالة ومعنى يهدف من خلاله إلى تحديد الإطار العام للموضوع الذي ينظمه بحكم معناه، فانه يحدد المفهوم المراد استخدامه، والمشرع هو الذي يتولى وضع تعريف له، فضلاً على الفقه الذي يعمل بجدية ودون أنقطاع لحل هذه المسألة في مختلف جوانب العلم، ومن ثم تحديد نطاق الحماية المخصصة لهم في القانون الدولي الانساني إذ ينظم العلاقة بين الأطراف المتنازعة خلال مدة النزاعات المسلحة سواء كانت دولية أو غير دولية.