اعلام المكتبة المركزية / المهندس مهند
المستخلص
إنَّ القرآن الكريم ليس مجرد كلام يتلى لكنه دستور شامل، دستورٌ للحياة العمليَّة، كما أنَّه دستورٌ للتربية، دستورٌ لتربية الروح والنفس وتقويمها وتهذيبها، فقد تضمَّنَ القرآن الكريم عرض تجارب حيَّة للبشريَّة بصورة موحية على الجماعة المسلمة وغيرها والتي جاء لينشؤها ويربيها ويقومها، فهذا القرآن ينبغي أن يُقرَأَ ويجب أن يُتَلَقَّى من قبل أجيال الأُمَّةِ المسلمة بوعي، وينبغي أن يُتَدَبَّرَ لأنه توجيهات حيَّة تربويَّة، تنزل اليوم لتعالج مسائل اليوم ولتنير الطريق إلى المستقبل. فالقرآن ليس مجرد كلام جميل يرتل حين يقرأ بل توجيهات تنبض وتتحرك وتشير إلى معالم الطريق، فقد تلقى رسول الله r هذه التوجيهات من القرآن الكريم واتَّصف بصفاته فعن سعد بن هشام، قال: سألت عائشة رضي الله عنها، فقلت: أخبريني عن خُلُقِ رسول الله r؟ فقالت:() كان خلقه القرآن)) فالتربية الروحِيَّة جانب أصيل من جوانب التربية، وركنًا مهمًا من أركان البناء لشخصِيَّة المسلم، التي حرصت عليها الشريعة الإسلاميَّة الغراء والتي تناولها بالرعاية الرسول الأعظمr بنفسه فكان يربي أصحابه y جميعًا ويوقد في نفوسهم جذور الأيمان ويتعهد أرواحهم بالتهذيب والتزكية. والتي على طريقته سارت الأمة. فاليوم وفي هذا العصر تشهد الأمَّة الإسلاميَّة وتشهد مجتمعاتنا فقدانًا للمعاني والسمات الروحِيَّة على الرغم من انتشار ظاهرة التدين بين أفراد المجتمع المسلم لكنَّه تديُّن غير مؤثّر، فلم تُهَذِّب الأخلاق في المجتمع بل انتشرت فيهم الأمراض والأسقام الروحِيَّة من الكذب والنميمة وعدم الشعور بالمراقبة وغيرها من الأمراض التي لابد أن تعالج روحيًا ونفسيًا لوصول الفرد إلى بر الأمان وأعلى درجات الأيمان ولذلك كانت هذه الرسالة (التربية الروحِيَّة في ضوء التوجيه القرآني سورة الأنعام أنموذجًا) بحثاً لمعالجة المشاكل ألتي أصيبت بها الأمة الأسلامية من أمراض روحِيَّة ونفسية وعلاجها وفق ما جاء به القرآن الكريم والسنَّة النبويَّة المطهَّرة. أهمِّيَّة اختيار الموضوع: إن أهمِّيَّة البحث في موضوع التربية الروحِيَّة في ضوء التوجيه القرآني يتجلى لنا، منه عِدَّة أمور منها:
- أهمِّيَّة الجانب الروحِيَّ أساسًا في تكوين شخصِيَّة الفرد بوصفه عضوًا وركيزة أساسِيَّة داخل المجتمع المسلم.
- إنَّ التربية الروحِيَّة عاملٌ مهمٌّ في تزكية النفس وتقويمها وتهذيبها، والَّذِي يُعَدُّ فرض عين على كل فرد مسلم، فوسائل التزكية تحتاج إلى التجديد.
- إنَّ التربية الروحِيَّة تُشَخِّصُ الأمراضَ الروحِيَّة وتعالجها؛ لأنَّنا اليوم نعيش أزمة أخلاق وتدهور في التربية، ولابد من علاجها نفسيًا وروحيًا.
([1]) مسند الإمام أحمد بن حنبل: باب: مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها، (42/ 183) رقم الحديث (25302)، إسناده صحيح على شرط الشيخين.