المقدمة
فكثيرًا ما كانت تلفتُ انتباهي ظاهرة الفروق اللغوية، وأتأمَّلُ في ما تحمِلَهُ اللغة العربية من دقَّةٍ تعبيرية، إذ لا تضاهِيهَا لُغَةٌ في سعة ألفاظها وبراعةِ دقَّتِها، فكانت رغبتي أن أكتُبَ في هذا المجال؛ إذ ((يستخفُّ الناسُ ألفاظًا، وغيرها أحقُّ منها))، مع أنَّهُ لا يوجد أفضل من أن يضع متكلم العربية الكلمة في موضعها الصحيح، وبعد مناقشة الأساتذة، أرشدَني الأستاذ الدكتور مكي نومان مظلوم أن أدرس هذهِ الظاهرة في معجم من معجمات اللغة العربية، وقد وقع الاختيار على القاموس المحيط للفيروزآبادي(ت: 817هـ) لِكونه معجمًا شاملًا حاول صاحبه أن يحيط بألفاظ اللغة، وفيه من الفروق ما يُثري دراستي هذه، وبعد الاطلاع على هذا المعجم الزاخر وجدتُ فيه عدًدا غير قليلٍ من الفروق بين دلالات الألفاظ، فعزمت بعد التوكل على الله أن تكون دراستي في هذا المعجم، فجاءَت بعنوان: (الفروق اللغوية في القاموس المحيط للفيروزآبادي دراسة دلالية).وهدفت الدراسة إلى بيان موقف الفيروزآبادي من الفروق اللغوية، وطريقة تعامله معها، أمَّا طبيعة الدراسة، فاقتضَت أن تكون ثلاثة فصول مسبوقة بمقدمة وتمهيد ومتلوّة بخاتمة، فضلًا عن ثبت بالمصادر والمراجع المعتمدة في الدراسة.أما التمهيد: فقد درستُ فيه: الفروق اللّغوية: تعريفها، ومعاييرها، وأبرز ما يميز منهج الفيروزآبادي في عرضها. وأمَّا الفصل الأوَّل: فجاء بعنوان (الفروق اللّغوية على وفق المعايير المتقابلة)، قسّمتهُ على أربعة مباحث درستُ في الأول منها (الفرق بين اللفظين على وفق معياري العام والخاص)، وفي الثاني (الفرق بين اللفظين على وفق معياري المطلق والمقيَّد) وفي الثالث (الفرق بين اللفظين على وفق معياري القوة والضعف) وفي الرابع (الفرق بين اللفظين على وفق معيار اللفظ الأكثر حِدَّة من الآخر). وأمَّا الفصل الثاني: فجاء بعنوان (الفروق اللّغوية على وفق معيار الصيغة)، ويقسم على مبحثين: عَرضَتُ في المبحث الأول (فروق الألفاظ بين الصيغ الاسمية) وفي المبحث الثاني (فروق الألفاظ بين الصيغ الفعلية).أمَّا الفصل الثالث: فجاء بعنوان (الفروق اللّغوية على وفق معيار صفات المعنيين).ثمَّ ختمتُ البحث بخاتمة تضمَّنَتْ أهم ما توصلْتُ إليه من نتائج في هذهِ الدراسة.واتبعت في دراستي هذه المنهج الإحصائي التحليلي (إحصاء الفروق اللّغوية وتحليلها).