You are currently viewing رسالة ماجستير سراب نكه خميس / بعنوان : السلوكيات التربوية للأبناء في تفسير ابي السعود (ت: 982ه) (دراسة قرآنية معاصرة)

رسالة ماجستير سراب نكه خميس / بعنوان : السلوكيات التربوية للأبناء في تفسير ابي السعود (ت: 982ه) (دراسة قرآنية معاصرة)

المستخلص

     إن تربية الأبناء عمل عظيم، وحريّ أن تُبذل فيه الأوقات والأموال والطاقات، هذا وقد سأل كثير من الأنبياء(عليهم السلام) ذريةً صالحةً طيبة ثم اقتفى السلف نهج أنبيائهم في طلب الذرية الصالحة، باذلين أسباب الهداية والصلاح لأبنائهم فأكرم الله كثيراً منهم بصلاح ذُرّياتهم، وكذلك فعل الصالحون من بعدهم، وسيبقى السؤال جارياً على لسان كل أبٍ مؤمن مشفق كُلّما عطر أنفاسه بتلاوة هذه الآيات:

قال تعالى: ﵟرَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةٗ مُّسۡلِمَةٗ لَّكَ ﵞ([1]).

وقال تعالى: ﵟ‌هَبۡ ‌لِي ‌مِن ‌لَّدُنكَ ذُرِّيَّةٗ طَيِّبَةًۖ إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِﵞ([2]).

وقد حَّمل النبي (صلى الله عليـه وسلم) الوالدين مسؤولية تربية الأبناء.

     فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: ((كُلكُم راعٍ وكُلكم مسؤولٌ عن رعيته، الإمامُ راعٍ، ومسؤولٌ عن رعيته، والرجلُ راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأةُ راعيةٌ في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها، فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته))([3]).

   روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، ‌فَأَبَوَاهُ ‌يُهَوِّدَانِهِ ‌أَوْ ‌يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ))([4])، وقال تعالى: ﵟ‌فَأَقِمۡ ‌وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ ﵞ([5]).

    فالأولاد أمانة في أعناق الوالدين، والوالدان مسؤولان عن تلك الأمانة، والتقصير في تربية الأولاد خلل واضح، وخطأ فادح؛ فالبيت هو المدرسة الأولى للأولاد، والبيت هو اللبنة التي يتكون منها بناء المجتمع، وفي الأسرة الكريمة الراشدة التي تقوم على حماية حدود الله وحفظ شريعته، وعلى دعائم المحبة والمودة والرحمة والإيثار والتعاون والتقوى ينشأ رجال الأمة ونساؤها، وقادتها وعظماؤها.

    والولد قبل أن تربيه المدرسة والمجتمع يربيه البيت والأسرة، وهو مدين لأبويه في سلوكه الاجتماعي المستقيم، كما أن أبويه مسؤولان إلى حد كبير عن انحرافه الخلقي. قال ابن القيم- رحمهُ الله تعالى: “وكم ممن أشقى ولده، وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله، وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يَرحمهُ وقد ظَلمهُ، ففاته انتفاعه بولده، وفوتَ عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء”([6]).

   كما أن للوالدين حقاً على الأولاد- فكذلك للأولاد حق على الوالدين، وكما أن الله- عز وجل- أمرنا ببر الوالدين- كذلك أمرنا بالإحسان إلى الأولاد، فالإحسان إليهم والحرص على تربيتهم- أداء للأمانة، وإهمالهم والتقصير في حقوقهم- غش وخيانة.

     ولقد تظافرت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة- آمرة بالإحسان إلى الأولاد وأداء الأمانة إليهم، محذرة من إهمالهم والتقصير في حقوقهم.

قال تعالى: ﵟ‌إِنَّ ‌ٱللَّهَ ‌يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا ﵞ([7]).

وقال تعالى: ﵟ‌يَٰٓأَيُّهَا ‌ٱلَّذِينَ ‌ءَامَنُواْ ‌لَا ‌تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓاْ أَمَٰنَٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَﵞ([8])

وقال تعالى: ﵟ‌يَٰٓأَيُّهَا ‌ٱلَّذِينَ ‌ءَامَنُواْ ‌قُوٓاْ ‌أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ عَلَيۡهَا مَلَٰٓئِكَةٌ غِلَاظٞ شِدَادٞ لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَﵞ([9])، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((‌مَا ‌مِنْ ‌عَبْدٍ ‌يَسْتَرْعِيهِ ‌اللَّهُ ‌رَعِيَّةً، ‌يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ الله عليه الجنة))([10]).

أهمية الدراسة:                                   

  1.   أهمية السلوكيات التربوية للأبناء في القرآن الكريم.
  2. إنّ تربية الابناء أمر مهم في حياة الفرد والمجتمع المسلم.
  3. إنّ تربية الابناء التربية الصالحة فيه تهذيب النفوس وتطهير المجتمع من الرذائل.
  4. محاولة استخراج كنوز العلم من، خلال التفكر في آيات القرآن المجيد والبحث فيه حتى نجعل منه منهج حياة..

[1]) ) سورة البقرة: من الآية 128.

([2])  سورة آل عمران: من الآية38.

)1) صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبد الله الجعفي، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر(ت: 256ه)، دار طوق النجاة، ط1، (1422هـ)، كتاب الجمعة، باب: الجمعة في القرى والمدن، (2/5)، رقم الحديث (893).

[4])) المصدر نفسه، كتاب الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلى عليه، وهل يعرض على الصبي الاسلام، (2/94)، رقم الحديث (1358).

[5]) ) سورة الروم: من الآية30.

[6]) ) تحفة المودود بأحكام المولود، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (ت: 751هـ)، المحقق: عبد القادر الأرناؤوط، مكتبة دار البيان – دمشق، ط1، (1391هـ – 1971م)، (1/242).

[7]) ) سورة النساء: الآية 58.

[8]) ) سورة الأنفال: الآية 27.

[9]) ) سورة التحريم: الآية 6.

[10])) صحيح مسلم، أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت: ٢٦١هـ)، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة، (١٣٧٤هـ – ١٩٥٥م)، كتاب الايمان، باب: استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار، (1/125)، رقم الحديث،(227).

اترك تعليقاً