You are currently viewing رسالة ماجستير بشرى جاسم / بعنوان: قُــضــــاة  مــصـــر والـشـــــام وأثــرهـــم في الحــيـــاة الـعــامـــــــة مــــن خــــلال كتــــاب الـتـبـــر المســبــوك في ذيـــل السلـــوك لـلســـــخـــــــاوي (ت 902هـ/ 1497م) دراســــة تــاريـخــيـــة

رسالة ماجستير بشرى جاسم / بعنوان: قُــضــــاة  مــصـــر والـشـــــام وأثــرهـــم في الحــيـــاة الـعــامـــــــة مــــن خــــلال كتــــاب الـتـبـــر المســبــوك في ذيـــل السلـــوك لـلســـــخـــــــاوي (ت 902هـ/ 1497م) دراســــة تــاريـخــيـــة

المستخلص

    نال القضاء اهتماماً واسعاً منذ بداية نشأته وحتى وقتنا الحاضر، من لدن الباحثين والدارسين في جميع مجالات الحياة المختلفة،  إذ  يعد طريقاً لقيام الأمم ورمزاً لسيادتها وسعادتها وعيشها حياة آمنة مطمئنة، ففيه نصرة للمظلوم، ورفع للظلم، وقطع للخصومات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحقيق للعدل وإقامة الحدود والأحكام، ولا أدل على أهمية القضاء من قولة تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ۝ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ([1])،  إذ  تعد سلطة القضاء من أجَلّ الوظائف في المجتمع الإسلامي بصفة عامة، وفي مجتمع دولة سلاطين المماليك بصفة خاصة، ولا سيما بعد ان تعددت سلطة القضاء والقضاة وجعل منصب قاضٍ للقضاة لجميع المذاهب السنية الأربعة ( الشافعي، المالكي ، الحنفي ، الحنبلي) ليحكم ويقضي كلاً على مذهبه  لما له الأثر في العالم الإسلامي، والأكثر من ذلك بعد ان اتسعت سلطة القضاة وزاد أثرها على جميع مجالات الحياة العامة منها (السياسية والاقتصادية والاجتماعية)، ومن هنا جاء اختيار هذا الموضوع  لنبين أهمية سلطة القضاء ودور القضاة  في ميادين السياسة والحكم والإدارة وغير ذلك؛ جاءت هذه الدراسة بعنوان: (قضاة مصر والشام وأثرهم في الحياة العامة من خلال كتاب التبر المسبوك في ذيل السلوك للسخاوي ت902ه/1497م دراسة تاريخية ) .

       تظهر أهمية هذا الموضوع في ان كتاب السخاوي (التبر المسبوك في ذيل السلوك) يعد من المصادر التاريخية التي أرَّخت لمدة وجيزة من القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي، (عصر دولة المماليك الجراكسة (البرجية)784ــــ923ه/1382ــــ1517م) ، وبالتحديد عصر السلطان الظاهر جقمق العلائي الذي دامت سلطنته خمسة عشراً عاماً(842- 857هــ/1438- 1453م)، التي شكلت مع من عاصره تطوراً في الكتابة التاريخية في ذلك القرن، كما نال هذا الكتاب أهمية،  إذ  ان السخاوي كان شاهداً ومعاصراً للأحداث التي أرخ لها.

       كان هدف الدراسة، هو بيان دور القضاة وإسهاماتهم في مجالات الحياة العامة، والتعريف بجهودهم، وبيان مشاركتهم في إضفاء الحكم الشرعي لسلاطين المماليك، وتولية السلطان السلطنة ، وتولية الخلفاء العباسيين ، والى توليتهم الوظائف الدينية والديوانية، فضلاً عن بيان اهتماماتهم العلمية والفكرية.

       لم تخلُ هذه الدراسة من صعوبات منها قلة إيراد المصادر الأُخرى للمعلومات التي تخص حياة السخاوي ولاسيما فيما يتعلق برحلاته ومجاوراته وخلافه مع أقرانه، فضلاً عن الجانب العلمي والفكري للقضاة في تلك المدة التي أرخ لها السخاوي في كتابه، كما ان بعض الروايات غالباً ما يوردها موجزة، والأخرى ما ينفرد بإيرادها، وقلة ما يورد من الروايات عن قضاة الشام، وهذا يرجع الى ان السخاوي من مصر.

       اعتمدنا في هذه الدراسة على منهج عرض الرواية وإيراد الحدث التاريخي، وجمع الروايات المتعلقة بالقضاة من خلال كتاب التبر المسبوك في ذيل السلوك، وان جاءت متفرقة وتبويبها على وفق تسلسل زمني تاريخي، وتعزيز تلك الروايات من المصادر الأولية الأُخرى المعاصرة للحدث التاريخي فضلاً عن الاستفادة من المراجع الحديثة والدراسات التي تناولت قضاة ذلك العصر أو المدة التي أرخ لها السخاوي، لأجل إثبات صحة رواياته التاريخية، الى جانب إيراد بعض الاستنتاجات الخاصة بتلك الروايات أو الأحداث.  

       أما الدراسات السابقة التي كانت عنواناتها قريبة من هذه الدراسة،  إذ  نجد أنها كانت مختصة بزمن ومكان معينين، وتختلف فيها الدراسة مع هذه الدراسة من حيث الفصول والمادة العلمية، وعلى سبيل المثال ولا الحصر نذكر بعضاً منها:

  1. مهدي صالح خلف النومان، دراسة بعنوان (القضاة من خلال كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لابن تغري بردي ت 874ه/ 1469م)، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة الى مجلس معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا/ بغداد عام 1439ه/2018م، تناولت دراسة عن سيرة المؤلف، وتراجم موجزة عن القضاة للفترة الممتدة (132_874ه/ 749_ 1469م).
  2. حسام قاسم محمد الصميدعي، دراسة بعنوان (إسهامات القضاة العراقيين في القضاء المصري وأثرهم في الحياة العامة من خلال كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر لابن حجر العسقلاني ت 852ه/1448م) اطروحة دكتوراه غير منشورة مقدمة الى جامعة ديالى/ كلية التربية للعلوم الإنسانية عام 1439ه/ 2018م، وقد تناولت المدة ما بين العصر العباسي الأول الى نهاية عصر المماليك الجراكسة (البرجية)، وعن نشأة القضاء وتطوره، وذكر القضاة العراقيين على شكل تراجم.
  3. عايد موسى الحلايقة، دراسة بعنوان (القضاء في دمشق في العصر المملوكي الأول 648ـــ 784 ه/ 1250ـــ1382م) رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة الى جامعة آل البيت/ كلية الآداب والعلوم / الاردن عام 1423ه/2002م، تناولت الدراسة تعدد القضاة على المذاهب السنيةالأربعة في دمشق، والتنظيم الإداري للقضاة، وبيان دور القضاة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية.
  4. بلال سلطان محمد إسماعيل، دراسة بعنوان (أثر قضاة بيت المقدس في الحياة العامة من خلال كتاب الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل للعليمي(ت927ه/1520م) أطروحة دكتوراه غير منشورة مقدمة الى مجلس معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا/ بغداد عام 1441ه/2019م، وقد تناولت أثر القضاة في المدة الممتدة بين عامي 598ـــــ900ه/1201ـــــ1494م) في بيت المقدس، كما تضمنت سيرة عن حياة المؤلف وتراجم موجزة عن القضاة وملاحق.   

       ينبغي الإشارة الى أنّ موضوع هذه الدراسة كان فيه الاختلاف الواضح مع بقية الدراسات السابقة، ولاسيما وقد أوردنا القضاة وأثرهم في الحياة السياسية والادلرية والعلمية والفكرية، فضلاً عن ذلك ان مدة الدراسة اختلفت وان كانت قريبة بعض الشي من الدراسات السابقة،  إذ  اقتصرت للمدة (845ــــ 857ه/ 1441ـــــ1453م )، وهناك اختلاف آخر ينبغي الإشارة إليه وهو ان السخاوي لم يورد جميع قضاة تلك المدة بل اقتصر على قضاة مصر وممن عاصره، مع إيراد الشيء القليل والموجز عن قضاة الشام ،  إذ  يورد البعض بذكر الاسم فقط .

       اقتضت طبيعة الدراسة تقسيمها على مقدمة، وثلاثة فصول، قسم كل فصل الى مباحث عدة حسب توافر المادة التاريخية في الكتاب، ولذلك جاءت الفصول متباينة في أحجامها لما تقتضيه المادة من كثرة الروايات التاريخية في جانب معين أو قلتها، فضلاً عن الخلاصة والاستنتاجات التي توصلت إليها الدراسة، ومن ثم ملاحق، وقائمة بالمصادر والمراجع المستخدمة فيها، ويليها بعد ذلك ملخص للدارسة باللغة الإنكليزية.

       حَمل الفصل الأول عنوان (السخاوي وكتابه التبر المسبوك في ذيل السلوك) قُسّم على ثلاثة مباحث، المبحث الأول استعرض عصر المؤلف على اختلاف جوانبه السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والفكرية، والمبحث الثاني حياة المؤلف ونشأته ورحلاته ومجاوراته وشيوخه وتلامذته ،وما وقع بينه وبين أقران عصره، الى الوظائف التي تقلدها ومصنفاته ووفاته واراءالعلماء فيه ، والمبحث الثالث كتابه، وجاء فيه تسمية الكتاب، وتاريخ تأليفه، وأهميته فضلاً عن منهجه وموارده ، وتحدث المبحث الرابع عن القضاء في عصر دولة المماليك.

       والفصل الثاني جاء بعنوان (قضاة مصر والشام وأثرهم في الحياة السياسية والادارية) وتضمن مبحثين تحدث المبحث الأول الوظائف الدينية والادارية التي تولاها القضاة في مصر وبلاد الشام ، والمبحث الثاني حول دور القضاة في الحياة السياسية في العصر المملوكي.

       والفصل الثالث جاء بعنوان (قضاة مصر والشام وأثرهم في الحياة العلمية والفكرية)، قُسّم على ثلاثة مباحث الأول تحدث عن اهتمامات القضاة بمجالات العلوم المختلفة، والمبحث الثاني عن أماكن العبادة والعلم ودور القضاة فيها، والمبحث الثالث عن  المدارس والخوانق ودور القضاة فيها.


([1])سورة المائدة  ، الآية 48ــــــ49 .

اترك تعليقاً