You are currently viewing رسالة ماجستير بيداء حميد / عمر توريخوس وأثره العسكري والسياسي فــي بنما  1929 – 1981

رسالة ماجستير بيداء حميد / عمر توريخوس وأثره العسكري والسياسي فــي بنما  1929 – 1981

المستخلص

تعد دراسة الشخصيات من أهم مصادر كتابة التأريخ كونها تسلط الضوء على الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وغيرها التي عاصرتها تلك الشخصيات التي لها الأثر الكبير في صناعة حوادث التأريخ، بمختلف جوانبها إذ عدت شخصية (عمر توريخوس، احد ألمع الشخصيات السياسية في التاريخ الحديث والمعاصر، وبالتحديد في تاريخ أميركا اللاتينية، حقيقة تستند الإشارة إلى شخصية عمر توريخوس لم يختاره الشعب بصفته رئيسًا لدولة بنما بين عامي 1968و 1981وإنّما لكونهِ قد احتفظ بالسيطرة المباشرة على الحكم بعد الانقلاب العسكري للعام 1968.

تأتي اهمية  تلك الدراسة من كون حقبة توريخوس الطويلة أدخلت عددًا من الإصلاحات الاجتماعية، في محاولة لتحسين حياة أكبر نسبة من السكان البنميين، ولمنح العدالة الاجتماعية لشعبهِ وقيادته حكومة إصلاحية تبنت من حيث المبدأ  نموذجـًا  تشاركيًا للسياسة البنمية، ضم جميع طبقات المجتمع البنمي فضلا عن أنه أثبت أنها قوة موحدة للبلاد في سعيه الناجح لتحقيق مكاسب السيطرة على قناة بنما، ومنطقة القناة بعد أن تفاوض على استعادة السيادة على قناة بنما، والتوقيع على معاهدات توريخوس – كارتر والتي تٌعدٌّ إنجازه الرئيس فيما يتعلق بتلك القضية بحيث أعيدت جميع الأراضي والقواعد ومناطق الخدمة التي تسيطر عليها الولايات المتحدة الأميركية  إلى حكومة بنما وبالطبع السيطرة المطلقة على تشغيل القناة.

مَثَّلَ العام 1929 بداية الإطار الزمني للدراسة ، والذي اقترن مع ولادة شخصية عمر توريخوس، فيما اقترن التاريخ الثاني 1981 بنهاية حكم الرئيس توريخوس ووفاته في العام نفسه.

اقتضت طبيعة الدراسة تقسيمها إلى مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة إذ كٌّـِّرسَ الفصل الأول لدراسة شخصية (عمر توريخوس ومراحل حياته وبواكير نشاطه العسكري في بنما حتى العام 1964)، وتألف من ثلاثة مباحث درس المبحث الاول (التمهيد) الخلفية التاريخية لطبيعة بنما الجغرافية والاحوال السياسية فيها قبل ولادة عمر توريخوس، إذ سلط الضوء على شؤونها الداخلية وبصورة موجزة منذ الاستكشاف الاسباني لبنما حتى استقلالها عن كولومبيا عام 1903، وناقش المصالح الاميركية في جمهورية بنما، ودور الرئيس الأميركي ثيودور روزفلت في تنفيذ معاهدة 1903، وابرز بنود تلك المعاهدة التي بموجبها حصلت الولايات المتحدة الأميركية على امتياز حفر قناة بنما وتدخل الولايات المتحدة الأميركية في شؤون بنما الداخلية، ومحاولتها لزعزعة الاستقرار لأجل تحقيق مطامعها الاقتصادية بالسيطرة على قناة بنما وناقش المبحث  التدخلات العسكرية الاميركية في شؤون بنما خلال مدة الحرب العالمية الاولى 1914- 1918، إذ تحولت إلى التوسع على حساب الاراضي المتاخمة لمنطقة القناة وعرض الثورات التي شهدتها بنما  1918-1928 احتجاجا على معاهدة هاي بونو فاريلا، وضعف الحكومة البنمية وسوء الاحوال الاجتماعية اما المبحث الثاني وضحت من خلاله الباحثة ولادة عمر توريخوس ونشأته الأولى ومن ثم، جذوره الاسرية وتأثير اسرته في تعليمه، وتوجهاته الفكرية والسياسية فضلاً عن دراسة تعليمه وثقافته، وسيرته الاجتماعية، اما المبحث الثالث فقد تتبع بواكير انخراطه في المؤسسة العسكرية البنمية، والتحاقه بالمدرسة العسكرية في سان سلفادور 1947 وانضمامه إلى قوات الحرس الوطني 1951وبين دوره في قمع تمرد سيرو توت  Cerro Tute للعام 1959، ومشاركته في المؤتمر الذي عقد في الولايات المتحدة الأميركية بصفته ممثلاً لقوات الحرس الوطني.

أمّا معلومات الفصل الثاني المعنون بـ(عمر توريخوس وأثره العسكري في بنما ومرتكزات وصوله للسلطة 1964-1975)، فقد قٌسِّمَ إلى اربعة مباحث إذ تناول المبحث الاول التطورات السياسية في بنما وموقف عمر توريخوس منها بين عامي
1964 – 1968
فقد استعرض العام 1964، وتداعيات الهجوم على السفارة الأميركية والتي ادت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الاميركية وبنما، وركز على ردود الفعل الدولية أتجاه ازمة 1964، وتدخل منظمة الدول الأميركية لحل الأزمة العالقة بين البلدين، وتطرقت معلومات المبحث إلى انتخابات 1964 والمحاولة الانقلابية الفاشلة، وموقف عمر توريخوس من معاهدات 1967 التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية، كأساس للمفاوضات الجديدة بين البلدين اما المبحث الثاني والذي جاء بعنوان مشاركة عمر توريخوس في الانقلاب العسكري في بنما وتسنمهُ السلطة بين عامي 1968و1969فقد سلط الضوء على مشاركة عمر توريخوس في الانقلاب العسكري ضد الرئيس ارياس ارنولفوا وتسُنمه السلطة 1968، وابرز التحديات التي واجهته في بداية حكمه، اما المبحث الثالث والذي جاء بعنوان الانقلاب العسكري ضد الرئيس عمر توريخوس في العام 1969 فقد بين دور الولايات المتحدة الامريكية في محاولة الانقلاب الفاشلة ضد الرئيس عمر توريخوس، اما المبحث الرابع ركز على ابرز التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها بنما في ظل حكم الرئيس توريخوس، ودوره في وضع دستور بنما للعام 1972.

تصدى الفصل الثالث (لسياسة الرئيس عمر توريخوس الخارجية
(1976-1981)، شمل ثلاثة مباحث تناول المبحث الاول موقف الرئيس عمر توريخوس ازاء التطورات السياسية في دول اميركا الوسطى، إذ تم التركيز بشكل خاص على اسلوب قيادته في السياسة الخارجية، واتباعه مبدأ عدم الانحياز والصداقة والتعاون بين جميع شعوب اميركا اللاتينية، إذ دعم جمهورية تشيلي في قضيتها المناهضة للاستعمار، وفتح ابواب بلاده امام المضطهدين السياسيين من قبل الجنرال بيشونه، ووقوفه إلى جانب جمهورية الارجنتين فيما يتعلق بقضية جزر فوكلاند، وتوقيعه على اعلان صداقة وتعاون بين حكومته ودولة بيرو، وتم التطرق إلى سياسته تجاه كوبا وصداقته بالزعيم فيدل كاسترو، أما المبحث الثاني والذي جاء بعنوان معاهدات الرئيسين توريخوس – كارتر 1977 تناول بالرصد والتحليل وصول الرئيس جيمي كارتر إلى الحكم، واسلوب سياسته تجاه جمهورية بنما ودور الرئيس عمر توريخوس بكونه جزءا اساسيا من فريق التفاوض على معاهدات 1977 وجهوده بالاتصال الشخصي مع العديد من الجهات الفاعلة الرئيسة إذ كان لشخصيتي الرئيسين توريخوس وكارتر الأثر الكبير في ان تصل المفاوضات إلى نهاية جيدة، بسبب الاهتمام الشخصي الذي أبداه كل منهما من خندقه على اعتبار أنّ اسلوب القيادة من قبل الرئيسينِ هو عامل اساس لحل الصراع بشأن إدارة قناة بنما  وعرض ابرز بنود معاهدات 1977 المتعلقة بتشغيل القناة، ومعاهدات الحياد، وجهود الادارة الاميركية داخل البلاد، والاستفتاء الشعبي الذي اجراه الرئيس توريخوس للتصديق على المعاهدات، وتصديق مجلس الشيوخ وابرز التعديلات التي اقرها مجلس الشيوخ أما بالنسبة للمبحث الثالث فقد عالج سياسة الرئيس عمر توريخوس اتجاه دول اميركا الوسطى والتطورات التي شهدتها الدول خلال الحرب الباردة.

منهجيةالدراسة . اعتمدت الباحثة في عرض محتويات الدراسة على منهجية الوصف – التحليلي للحوادث التأريخية  مع اتباع التسلسل الزمني لها .

فضلا عن ذلك استخدمت الباحثة العديد من المصادر الاجنبية لعل ابرزها المصدر الذي يعدٌّ الملهم الأساسي للفصل الأول من تلك الدراسة وكان بقلم  ماريو رودريجيز، والذي جاء بعنوان  الشمس والظل لعمر توريخوس هيريرا
Mario Augusto Rodríguez, Sol y sombra de Omar Torrijos Herrera، كانت المعلومات التي وردت فيه مهمة للغاية حيث تضمنت سيرته الذاتية بأكملها، حيث يتم تلخيص طفولته وشبابه وعائلته ولادته في 13 شباط 1929 في سانتياغو دي فيراغواس، وقبوله في الصف الأول في مدرسة دومينيو ديل كندا عام 1936؛ بداية دراسته الثانوية عام 1942، ومنحة دراساته العسكرية في المدرسة العسكرية بالسلفادور للعام 1947. أما المصدر الآخر فهو للمؤلف زويلو جي مارتينيز: بعنوان حروب اللواء عمر توريخوس استعادة قناة بنما، Zoilo G. Martínez,  :Las guerras delgeneral Omar Torrijos la restauran del Canal de Panamá، تكمن اهمية ذلك المصدر انه تطرق وبشكل مفصل عن الحروب التي قادها اللواء عمر توريخوس من اجل  استعادة قناة بنما، والتصديق على معاهدات توريخوس كارتر في عام 1977، والرحلات الدولية التي قام بها بحثًا عن التضامن من مختلف بلدان العالم، كان مصمماً على إنهاء الاستعمار في مناطق مختلفة، فضلاً عن دعمه للدول التي تحتاج إلى الديمقراطية والعدالة والمساواة، من استقلال بيلز، والإطاحة بسوموزا في نيكاراغوا وغارسيا ميزا في بوليفيا إلى استقبال السياسيين طالبي اللجوء بعد انقلاب بينوشيه.، وكتاب المؤرخ فرناندو سوكري م: الشجرة بلا أوراق Fernando Sucre M:El Arbol Deshojado وتكمن اهمية ذلك المصدر بأنه اعطي تفاصيل واضحة عن الانقلاب العسكري الذي قام به اللواء عمر توريخوس 1968، بالاشتراك مع عناصر آخرين والذي عُدّ اول انقلاب في البلاد، وقيام اول دولة عسكرية في تاريخ جمهورية بنما، كما أن المؤلف تحدث بشكل مفصل عن قيادة اللواء عمر توريخوس للنظام العسكري في بنما.اما كتاب المؤرخ لين ف. فوستر بعنوان تاريخ موجز لأميركا الوسطى Brief history of  Central America, Lynn F. Foster الذي جاء بمعلومات مهمة وقيمة توضح السياسة التي انتهجها الرئيس عمر توريخوس خلال مدة حكمه، وكتاب روبرت دبليو أغيري: قناة بنما
Robert W. Aguirre:The Panama Canal والذي جاء بمعلومات مهمة عن قناة بنما ،والسيطرة الاميركية على قناة بنما، وردود فعل قوات الحرس الوطني، الاوضاع السياسية خلال مدة حكم توريخوس، وانهاء الازمة الاقتصادية في بنما  وكتاب المؤلف أورلاندو بيريز: الثقافة السياسية في بنما الديمقراطية بعد الغزو ORLANDO J. PÉREZ: Political Culture in Panama Democracy after Invas وكتاب دومينغو إتش تيرنر: أفكار الجنرال عمر توريخوس هيريرا Domingo H.Turner :El pensamiento del General Omar Torrijos Herrera والذي تضمن ابرز نشاطات وافكار ورؤى الجنرال عمر توريخوس  وكتاب ساندرا دبليو ميديتز: بنما دراسة قطريةSandra W.Meditz , :Panama a country study تناول وبشكل مفصل ودراسة عن ابرز الاحداث التي شهدتها بنما لاسيما خلال المدة الزمنية 1968-1981 ودراستها دراسة تحليلية. وكتاب جراهام جرين بعنوان لقاء مع الجنرال، تطرق إلى السيرة الشخصية للواء عمر توريخوس، ووصف علاقته الشخصية مع اللواء والتي استمرت خمس سنوات مع رئيس بنما 1968-1981 تناول بشكل مفصل عن حادثة وفاته واتهام وكالة المخابرات الامريكية بحادثة الاغتيال. كما افادت الباحثة بعدد من المصادر الأجنبية الأخرى وكانت بمثابة أعمدة استندت عليها الدراسة ويأتي في مقدمتها رسالة للمؤلفة إيما سكريبنر بعنوان نظام عمر توريخوس: الآثار المترتبة على التحول الديمقراطي العملية في بنما  Emma Scribner: The Omar Torrijos Regime: Implications for the Democratization Process in Panama كانت تلك الرسالة أحدى الاركان الرئيسة التي غطت جوانب عدة من الدراسة ،إذ تأتي اهمية هذا المصدر في اعتماده على العديد من الوثائق وتناوله احداث مهمة في تاريخ بنما ، في مدة حكم الرئيس عمر توريخوس وبالتحديد ابرز التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي تبناها نظام توريخوس، واطروحة المؤلف جوليان بينيدا بعنوان عمر توريخوس والعملية الثورية في بنما Julian Pineda, “Omar Torrijos y el Proceso Revolucionario en Panama”.

كما اعتمدت الدراسة على عدد من الرسائل والاطاريح العربية ابرزها اطروحة عبدالله مسلم شطب: الموسومة بـ(السياسة الامريكية تجاه بنما 1939-1945) فضلاً عن ذلك فقد اعتمدت الباحثة على المذكرات السياسية لرؤساء الولايات المتحدة الاميركية،  ابرزها مذكرات الرئيس جيمي كارتر وكذلك مجموعة قيمة من البحوث الاجنبية والعربية المنشورة يضاف إلى ذلك مجموعة من الصحف المشهورة، مثل صحيفة لاستر دي بنما، نيويورك تايمز وواشنطن بوست، ومجلة اليانصيب بنما. واجهت الباحثة صعوبة في الحصول على المصادر التي تخص الشخصية موضوع الدراسة، وذلك بسبب ندرتها وعدم تناول دراسة سابقة لدول أميركا الوسطى وشخصياتها إلا النزر اليسير منها، ولاسيما العربية منها ولكن بجهود حثيثة من لدن الباحثة تمكنت من التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة وعن طريق السكايب مع شقيقة الراحل عمر توريخوس وواجهت صعوبة في اللغة لان شقيقة الراحل كانت تتحدث اللغة الاسبانية لكن بالرغم من ذلك تمكنت من الحصول على وثائق ومعلومات مهمة عن الشخصية موضوع الدراسة وتوظيفها في فصول الدراسة.

اترك تعليقاً