المستخلص
إنَّ الإسلام جاء ليكون منهجاً للحياة، وهو يتصف بالكمال والشمول لكل جوانب الحياة، وتشريعاته ضامنة لسعادة الدارين، ومنظمة للعلاقات الإنسانية كلها، وقد وضع لها قواعد وأحكاماً على مقتضى الحق والعدل مراعيا التقارب والتعايش الإنساني على أساس العدل والمساواة، فلم يقتصر على بيان علاقة الأفراد بخالقهم والتي هي أساس كل علاقة، بل توسعت ليستوعب شؤون العلاقات بين المسلمين بعضهم مع بعض، وبين المسلمين وغيرهم على نحو لم تعرف البشرية شبيهاً ولا مثيلاً لها. إنَّ جميع الأمم السابقة قد ظهرت فيها الفتن الدينية والدنيوية وإنَّ أمتنا الإسلامية كغيرها من الأمم ظهرت فيها فتن مختلفة على مر العصور, وكانت هذه الفتن ناتجة عن اختلاف الأفهام , والفهم الخاطئ للشريعة الإسلامية , وليس ناتج عن قصور الشريعة الإسلامية , لأنَّها شريعة كامله لانقص فيها ولا عيب . ولما كانت هذه الفتن قائمة على المفاهيم المتباينة التي أنتجتها الإجتهادات المختلفة , فإنَّ هذه المفاهيم مفْرِطة تارة و مفَرَطة تارة أخرى , لذلك كان لا بد من وجود فكر متوسط بنيَ على أسس ثابتة سائر على نهج القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ونهج الصحابة وآل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو نهج الإعتدال والتوسط في الأمور لا إفراط ولا تفريط , إنَّ الإسلام هو دين الله تعالى الذي يدعو إلى الإعتدال في جميع جوانب الحياة , أي اعتدال فكر وعقيدة وشريعة وعبادة , ونظامٍ , سلوكٍ وأخلاقٍ . وإنَّ الفكر الذي أطلقنا عليه بالفكر المعتدل هو وفق كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) والذي نراه كفيل بدرء جميع هذه الفتن , وهو الفكر المعتدل بين الإفراط والتفريط مع سلوك سبيل الحكمة والإتزان العقلي عند إطلاق الأحكام بالعقيدة والفقه والسياسة , وان الإعتدال يشمل جميع جوانب الحياة ومن ضمنها العلوم الشرعية , فقد أختصرنا في بحثنا هذا على أمهات الأمور التي شغلت كثير من الناس في الوقت الحاضر في درء الفتن وقبول الآخر, والحقوق والواجبات التي تترتب على الآخر داخل المجتمع الإسلامي .