المستخلص
فإنّ مَن يقرأ تراثنا العربي يجده زاخرًا بالأحكام النحوية وظواهرها اللغويّة, والحكم النحوي الضَّعيف واحدٌ مما زخر به تراثنا النحويّ, الذي كان معيارَ النّحاة في نقد تراكيبهم النحوية، لذلك رأيتُ من الضروري دراسته عند عالمٍ من اكبر علماء العربية وبيان المسائل التي ضعفها ومناقشة الأسباب التي دعته إلى تضعيف هذا الحكم أو ذك, ونظرًا لأهمية هذا الموضوع, وتشجيع أساتذتي على الخوض فيه كان كل ذلك وغيره سببًا لاختياري هذا الموضوع الموسوم بـ(الأحكام النّحويّة الضَّعيفة في التذييلِ والتكميل في شرح كتاب التسهيل لأبي حَيانَ الأندُلسيِّ دراسةٌ تحليلية) وبعد جمع المادة المتعلقة بالأحكام النحوية الضعيفة في كتاب التذييل والتكميل آثرتُ أن تشتمل خطة الدراسة على تمهيد وثلاثة فصول تسبقها مقدمة وتعقبها خاتمة، أما التمهيد فقد درست فيه ثلاثة محاور, الأول لخصت فيه سيرة أبي حيان, والثاني بينتُ فيه منزلة كتابه التذييل والتكميل ومنهجه في عرض المادة العلمية, والثالث درست فيه مفهوم الحكم النحوي الضعيف وأسبابه وعلله عند أبي حيان.
أما الفصل الأول فقد درست فيه المسائل النحوية الضعيفة في المركبات الاسمية والفعلية, قسمته على مبحثين, الأول تحدثتُ فيه عن المسائل النحوية الضعيفة في المركبات الاسمية, وفي الثاني تحدثتُ عن المركبات النحوية الضعيفة في المركبات الفعلية، أما الفصل الثاني فقد أفردته لدراسة المسائل النحوية الضعيفة في متعلقات الجملة, قسمته على ثلاثة مباحث, فتحدثتُ في الأول عن المسائل النحوية الضعيفة في المنصوبات, وفي الثاني تحدثتُ عن المسائل النحوية الضعيفة في التوابع, وفي الثالث تحدثت عن الحكم النحوي الضعيف في مسائل نحوية متفرقة.
أما الفصل الثالث فقد خصصته لدراسة المسائل النحوية الضعيفة في الحروف والأدوات, قسمته على مبحثين درست في الأول المركبات النحوية الضعيفة في الحروف والأدوات العاملة, تحدثتُ في الثاني عن المسائل النحوية الضعيفة في الحروف والأدوات غير العاملة. ثم ختمت الدراسة بخاتمة بينت فيها أهم ما توصلت إليه الدراسة من نتائج, وطرزت الدراسة بثبت للمصادر والمراجع مرتبة وفق حروف المعجم وهي كثيرة متنوعة شملت عددًا كثيرًا من كتب التراث النحوي كـ(الكتاب والمقتضب والأصول وبعض شروح التسهيل والمفصل وشرحه لأبن يعيش وشرح كافية ابن الحاجب للرضي وغيرها, فضلًا عن الاستعانة بكثير من كتب القراءات، وجملة من الدواوين الشعرية, وبعض المعجمات اللغوية والتفاسير، وبعض كتب الحديث النبوي الشريف ، وبعض كتب الأدب والتراجم, ورجعت إلى كثيرٍ من المصادر الحديثة كـ (معاني النحو لدكتور فاضل السامرائي والنحو الوافي للأستاذ عباس حسن والمدارس النحوية للدكتور شوقي ضيف وأبو حيان النحوي للدكتورة خديجة الحديثي)، ومن باب الأمانة العلمية فأني أفدت كثيرًا من الدراسات السابقة المتعلقة بأبي حيان والأحكام النحوية, وقد أفدت كثيرًا مما كتبه المحقق الفاضل الدكتور حسن هنداوي فقد رجعت إلى تخريجاته في الإحالات وانتفعت منها كثيرًا ومن الدراسات التي انتفعت بها أيضًا:
- التعليل النحوي عند أبي حيان من خلال كتابه (تذكرة النّحاة)، رسالة ماجستير، للباحة زينب النور عبد الرحمان النور.
- مسائل الترجيح في إعراب القرآن الكريم ، عند أبي حيان (دراسة وتقويمًا)، أطروحة دكتوراه، للباحث أحمد بن محمد الفقيه بن يحيى الفقيه الزهراني.
- موقف أبي حيان من ابن مالك في التذييل والتكميل إلى باب الممنوع من الصرف دراسة وصفية تحليلية، أطروحة دكتوراه ، للباحث خضر عبد الرحمان عبد العزيز الأسطل.
- التفكير النحوي عند أبي حيان (ت 745ه) في كتابه التذييل والتكميل في شرح التسهيل، أطروحة دكتوراه علي عبد الله محيسن.
واتّبعتُ في دراستي هذه المنهج التحليلي, إذ شرعت باستقراء المسألة عند أبي حيان, وعرضتها على مذاهب النّحاة وبينت ما أقر به أبو حيان ثم حللت المسألة, وبينت موطن الضعف فيها واسبابه وقد أفدت مما كتبه المحدثون من أجل إغناء المسألة واستفاضتها بآراء النّحاة القدماء والمحدثين معًا.
ولا أزعم أنني أولُ من كتب في الحكم النحوي الضيف بل سبقني إلى ذلك عددٌ من الباحثين الفضلاء الذين أفردوا لحكم الضعيف دراسات مستقلة وكان لبعض ما كتب الأثر البين في دراستي هذه ومنها:
- (الوجه الضعيف في النحو)، رسالة ماجستير للباحث كريم عبد الحسين حمودي الجعفري.
- – (تضعيف الوجه النحوي في إعراب القران الكريم)، أطروحة دكتوراه للباحث حسن عبيد محيسن المعموري.
- – (تضعيفات العكبري النحوية في كتاب البيان في إعراب القرآن دراسة وتقويم)، رسالة ماجستير للباحث منصور أحمد مسفر الفواز.
- – (التضعيفات النحوية في كتاب المقتصد لعبد القاهر الجرجاني)، رسالة ماجستير للباحث عقيل مجهول جياد وغيرها .
والضعيف حكم نحوي نشأ منذ نشأة الدراسات النحوية فقد تضمن كتاب سيبويه مسائل كثيرةً حكم عليها بالضعف وهكذا دأب النّحاة على منهجه حتى أبي حيان الذي اقتفى أثرهم وسار على نهجم فقد أولى هذا الحكم عناية فائقة في تذييلهِ ووقف على أسبابه وعلله وقد نقل آراء النّحاة السابقين له الذين ضعفوا هذا الحكم أو ذلك وناقش مسائله وبين وجه الضعف فيها, وتجدر الإشارة إلى أن هنالك مصطلحات أخرى قد ترمز إلى الضعيف كـ(غير الصحيح ،والنادر، والقليل) وليس الضعف بمرتبة واحده عند النّحاة وأبي حيان فمنه الضعيف والأضعف والضعيف جدًا ومنه ما لا يجوز إلا على ضعف ومنه ما هو جائز على ضعف .
وقد واجهتني صعوبات كثيرة في كتابة الأطروحة منها ضيق الوقت لكوني موظفًا مقيدًا بإجازة محددة, وسعة المادة المدروسة, وصعوبة فهم أسلوب أبي حيان فضلًا عن كثرة الآراء النحوية التي يعرضها في المسألة الواحدة وتشعبها مما أخذ مني وقتًا طويلًا لفهمها واستخراج الحكم الضعيف منها, ومن الصعوبات الأخرى التي واجهتني صعوبة الحصول على بعض المصادر المتعلقة بالدراسةِ, ولاسيما التي كتبت خارج بلدنا العزيز ولم تكن متاحة على شبكة التواصل الاجتماعي إلا إن هذه الصعوبات تيسرت بفضل الله ثم بحرصي الشديد على إتمام ما بدأت به.