You are currently viewing رسالة ماجستير / صكبان محمد

رسالة ماجستير / صكبان محمد

المستخلص

وهناك من يربطُ بينَ السكنِ والخصوصيةِ, فيعرفَ السكنَ بأنّهُ: "المكانُ الذي يحفظُ الانسانَ فيهِ أسرارهِ ويحرصُ على ألا يقتحمهُ عليهِ أحدُ وأنْ تتحققُ عناصرهُ من حيثُ الملائمةِ والكفايةِ والأمنِ القانونِيّ والموقعِ وتيسيرِ الحصولِ عليهِ وأنهُ هناكَ واجباً على الدولةِ حمايتُهُ واحترامُهَ والوفاءُ به.

    إِلا أَنَّ هذا الحقَ عرضةٌ للانتهاكِ بسببِ ما تتعرضُ له البيئةُ من تلوثٍ, والذي له تأثيرٍ مباشرٍ على التمتعِ بحقِ السكنِ الملائمِ, إِذ أصبحتْ البيئةُ مهددةً بالتلوثِ نتيجةَ التقدمِ العلمي والتطورِ التكنولوجيَّ وانتشارِ الأسلحةِ النوويةِ وتراكمِ النفاياتِ وزيادةِ حدةِ الضوضاءِ والتجاوزِ العمراني على المناطقِ الخضراءِ, مما دفعَ بالمجتمعِ الدولي الى الاهتمامِ بالبيئةِ والاعترافِ بها كحقٍ من حقوقِ الإِنسانِ وبدعوةٍ من منظمةِ الأممِ المتحدةِ تمَ عقدُ مؤتمرِ استكهولم في عامِ 1972 حولَ البيئةِ البشريةِ, ويُعدُّ هذا المؤتمرُ نقطة الانطلاقِ نحو الحمايةِ القانونيةِ للبيئةِ, ومن ثمَ توالتْ المؤتمراتُ والاتفاقياتُ الدوليةُ والاقليميةُ في هذا الجانب, مما دفعَ بالدولِ الى إِقرار هذا الحقِ في البيئةِ السليمةِ في صلبِ دساتيرها بصورةٍ صريحةٍ لكفالةِ الحمايةِ القانونيةِ لهذا الحقِ ومنها دستورُ جمهوريةُ العراقِ لسنةِ 2005.

     ومنْ ثمَ سعتْ الدولُ إِلى إصدارِ تشريعاتٍ خاصةٍ بحمايةِ البيئةِ, وعلى هذا الأساسِ شُرِّعَ قانونُ حمايةُ وتحسينُ البيئةِ العراقِيّ رقم (27) لسنةِ 2009 والقوانينُ التي سبقتهُ في هذا الجانب. الا أنَّ هذهِ التشريعاتِ لم تسعفْ حقَ الأفرادِ في العيش في بيئةٍ سليمةٍ وصحيةٍ وخاليةٍ من التلوثِ, إِذ لا زالتْ هذهِ القوانينُ قاصرةً, ولا ترقى الى المستوى المطلوبِ لمواجهةِ التهديداتِ التي تتعرضُ لها البيئةُ, وتضطلعُ هيئاتُ الضبطِ الإداري البيئي بمهمةِ تنفيذِ هذهِ التشريعاتِ وحمايةِ البيئةِ سواءٌ كانتْ هيئاتٌ إداريةٌ (مركزيةٌ أو محليةٌ) مختصةٌ بحمايةِ البيئةِ, أو هيئاتٌ مهتمةٌ بذلكَ كدوائرِ البلديةِ وغيرها من دوائرِ الدولةِ الأخرى, وأنَّ لهذهِ الهيئاتِ وسائلَ قانونيةَ وماديةَ تستخدمها لغرضِ القيامِ بمهامها كالقراراتِ التنظيميةِ والقراراتِ الفرديةِ والتنفيذِ الجبري, وكذلكَ تتخذُ الإدارةُ عدةَ إجراءاتٍ قانونيةٍ وقائيةٍ لمواجهةِ التلوثِ البيئي, وأنَّ لهذهِ الإجراءاتِ تأثيراً كبيراً ومباشراً على بيئةِ السكنِ الملائمِ, فضلاً عن الجزاءاتِ الجنائيةِ والمدنيةِ التي توقعَها المحاكمُ.

     وتوصلتْ الدراسةُ الى بعضِ الأستنتاجاتِ ومن أهمها: أنَّ لحقِ السكنِ الملائمِ علاقةً بحقوقِ الإِنسانِ الأخرى, ومنها الحقُ في بيئةٍ سليمةٍ, وإِنَّ تلوثَ البيئةِ له آثارٌ سلبيةٌ على التمتعُ بحقِ السكنِ الملائمِ, وإِنَّ من أخطرِ ملوثات البيئةِ على حقِ السكنِ الملائمِ هو التجاوزُ على المناطقِ الخضراءِ وإِنَّ الاهتمامَ بالبيئةِ جاءَ متأخراً إِذ بدأ الاهتمامُ الدولي والوطني بعدَ مؤتمرِ استكهولم, كذلكَ تمَ التوصلُ الى عدمِ كفايةِ التشريعاتِ الوطنيةِ لحمايةِ البيئةِ وعدمِ كفايةِ الصلاحياتِ الممنوحةِ لهيئاتِ الضبطِ الإدارِيّ.

    وخلصتْ الدراسةُ الى توجيهِ بعضِ المقترحاتِ التي تسهمُ في حمايةِ بيئةِ السكنِ الملائمِ من خلالِ اقتراحِ تعديلِ بعضِ النصوصِ القانونيةِ, وإِصدارِ تعليماتِ تنفيذِ بعضِ القوانينِ, وتفعيلِ عددٍ من القوانينِ التي تسهمُ في توفيرِ النظام العام. 

 

اترك تعليقاً