You are currently viewing رسالة ماجستير / جنان أحمد

رسالة ماجستير / جنان أحمد

المقدمة 

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أمّا بعد..فإِنَّ الشعر إبداعٌ يتخطّى الحدود والأزمان، لا يقف عند شكلٍ ولا كمٍّ، بقدر ما يستند إلى ما يتركه من أثر، وهذا يصدق على الشعر على مرِّ التأريخ، فهو فن قولي، مركز عملياته المخيّلة، وأداته اللغة، وبدون الخيال يصبح الشعر كلاماً علمياً، فالشاعر يعيد تشكيل الموجودات به، وينطلق في رحابه، متخطيّاً الأزمنة والأمكنة فتتماهى الأشياء فيه ويصبح كلُّ شيءٍ ممكناً عبر الخيال. تؤدي المخيلة أثراً مهماً وأساسياً في تشكيل النص الشعري، لهذا قرن الشعراء القدماء إبداعهم بحالات غيبيّة، لا تمت للواقع بصلة أقرب إلى الخيال، وهذا يدلل على أن الشعر قبل كل شيء عاطفة ومشاعر يجسدها العقل الباطن، فتخرج إلى الفضاء الوجودي، وبطبيعة الحال لم يبق الشعر على ما كان عليه قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة، ولم تبق قوانين بعد مرحلة الانطلاقة الريادية من قبل بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، فانطلق في فضاء الإبداع لا يوقفه شكل ولا تعبير بقدر ما يبحث عن التميز. والشاعر خالد الداحي واحد من شعراء دَيالى الكُثُر الذين تركوا بصمةً في الشعرية العراقية، بإصداره مجموعتين حملت الأولى اسم ( عندما يبكي القطا) والثانية (رعاف القوافي) ، اللتين ترجمتا إبداعه، وما نجده في طبيعة شعره(لغة وتشكيلاً وصوراً) ودور المخيّلة في ذلك كله، كان دافعا للباحثة في تقصي مكوناته الشعرية ودور المخيّلة في تشكيلها، فما أن استقر العنوان حتى توكلت على الله- تعالى- وبدأت بالقراءة والبحث، لتخرج خطة العمل مقسمة على ثلاثة فصول يسبقها تمهيدٌ وتعقبها خاتمة وذكرُ أهم المصادر التي اعتمدها البحث، فحمل التمهيد اسم(المخيّلة الشعريّة- المصطلح والمفهوم)، وكان الفصل الأول بعنوان(المخيّلة واللغة)، توزع على مبحثين، الأول بعنوان(المعجم الشعري- فاعلية التراكم اللفظي في المخيّلة)، والثاني تحت عنوان(الأسلوب- دراسة في طرق البناء النصي)، أمّا الفصل الثاني فكان بعنوان(الصورة الشعرية)، وتوزّع على ثلاثة مباحث، تناولت في المبحث الأول منه(الصورة بين الرؤية والرؤيا)، وفي المبحث الثاني تناولت(تشكيل الصورة) الذي يحيل على الأدوات المستخدمة في رسم الصورة الشعرية، وفي المبحث الثالث تناولت( مصادر الصورة) والتي تنوعت بين الواقعي والتراثي والذهني، أمّا الفصل الثالث فتركزت الدراسة فيه حول(المخيّلة الإيقاعية)، والذي تفرّع بدوره إلى ثلاثة مباحث، تناولت في المبحث الأول(الأوزان) وأثر المخيّلة في اختيارها، وفي المبحث الثاني تناولت( القافية)، ودور المخيّلة أيضا في تشكيلها من خلال اختيار الألفاظ، في المبحث الثالث تناولت( موسيقى الألفاظ)، ونسبة تحققها من خلال طبيعة الألفاظ الشعريّة المشكّلة، وقد اعتمدت في هذا الفصل على الجداول الإحصائية في بعض الأحيان، لبيان مدى تحقق الظاهرة، ثم أعقبت هذه الفصول بخاتمة تجسد أهم النتائج التي توصل إليها البحث، والتي كان أهمها: إن للمخيّلة دوراً رئيساً في تشكيل الإيقاع الداخلي في شعره، والذي يتوّلد من ترديد بعض الأحرف بشكل واضح والتضاد الحاصل بين معاني الكلمات، وكذلك صيغ الكلمات سواء أكانت من الناحية الصرفية أم العروضية، وكذلك الجناس(التام والجزئي)، فضلاً عن التكرار في الكلمات وبنسبة أقل في حروف المدود، وردّ العجز على الصدر، أما التضعيف فقد جاء بنسبة أقل، إذ لم يرد إلا بنسبة قليلة جداً، وكذلك: استخدام الشاعر خالد الداحي بعض الصيغ والألفاظ الشعبية في مواضع عديدة من شعره وهو متأتٍ من إسقاطات المخيّلة وما تختزنه من ألفاظ، وكذلك خلق فجوات تأويلية من خلال ترك الفراغ السطري بين الكلمات في السطر الشعري، وغيرها من النتائج التي كان للمخيّلة الدور المهم فيها، ثم سردت المصادر والمراجع التي اعتمدتها في البحث، فكان منها المصادر العربية القديمة، والحديثة، أو المترجمة.

اترك تعليقاً