رسالة ماجستير / وفاء حسن

اعلام المكتبة المركزية /المهندس مهند 

 

 

المستخلص  

 

يُعّد الحَق في الحياةِ أسمى الحُقوق الإصيلة للإنسان التي لا يُمكن المساس به أو التَنازل عَنه أو التَفاوَض عَليه أو سَلبه إلا بالوسائلِ التَي حَددّها القَانون، إذ بدون ذلك الحَق الأقدس لايُمكن التَمتع بباقي الحُقوق والحُريات الأُخرى فَهو أساسها ومُرتكزها؛ لذلك فأن المَساس به ِ هو إنتهاك لِمَنظومةٍ مُتكاملةٍ من الحُقوق التي ضَمنتها المَواثيق والصُكوك والإعلانات الدَولية والدَساتير والتَشريعات الوَطنية، إلا أن ذلك الحق مُعرّض للإنتهاك وبعدّةِ طُرائق ووَسائل ومنها جريمة الإمتناع عن إغاثةِ المَلهوف التي تُعّد من الجَرائمِ الإجتماعية التي يكون أساسها التَكافل والتضامن الإجتماعي لكُل من يَتعرّض لخطرٍ يَمُس حياتهِ أو جَسدهِ أيً ما كان سَببه، فيستوجب قيام المسؤولية الجزائية لمُخالفةِ الأفراد للقانون وإرتكابهم لتلك الجريمة التي تَمُس الحَق في الحَياةِ لاسيما في ظلِ الظروف الإستثنائية التي يَمُر بها العالم في الوقتِ الحَالي المُتمثلة بإنتشار الأوبئة، فَقد إنطلقنا من مُشكلةٍ رَئيسية مَفادها مَدى قيام المَسؤولية الجَزائية لإمتناع الأفراد عن إغاثة الملهوف في ظلِ إنتشار الأوبئة مابَين الغُموض التَشريعي لنصِ المادة(370/2) من قانون العقوبات العراقي النافذ، وحدود تَفسير كَلمة الكَارثة الواردة فيها، وما يَستتبعها من عَدمِ الوضوح في إيرادِ الإمتناع عن الفعلِ الذي يُشكل جُنحة محددة بنص المادة اعلاه وفقا للحد الاعلى من العقوبة تُرّتب قيام المَسؤولية الجَزائية على المُمتنعِ عَنها في ظلِ الظُروف الإستثنائية بإنتشار الأوبئة، كإضراب الكوادر الصحية غير المُنظم بقانون والتَعارض بين مُصادقة العراق على العهدِ الدَولي للحُقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية التي أقرتْ بأن الإضراب هو حَق للإنسانِ وبَين عدَم النَص على الإضراب كحق في دستورِ جمهورية العراق النافذ لسنة 2005 وَعدم تَشريع قانون يُنظمه، كذلك مدى تجريم إمتناعِ الافراد عن التبرعِ بالدمِ للمَرضى والمُصابين وإغاثتهم في ظل إنتشار الاوبئة والذي يَصطدم بحقِ الإنسان على جَسدهِ وضرورة موافقتهِ على ذلك، في ظلِ عَدم تَشريع قانون للطوارئ يُحدّد الأحوال التي تَستدعي إعلان حالة الطوارئ وبما لا يَمس حُقوق الأفراد وحُرياتهم، فضلاً عن حدودِ سُلطة القاضي التقديرية في تَفسيرِ النصوص القانونية ومنها نَص المادة(370/2) من قانون العقوبات العراقي النافذ وصولاً الى تَقدير الأدلة وتَحديد العقوبة في نطاقِ الكَارثة المُتمثلة بإنتشار الأوبئة التي تُعّد جائحة عالمية أودت ولا زالت تودي بحياةِ مَلايين الأفراد في كافةِ أنحاء العالم فهي تؤثر بشكلٍ أو بآخر على حَق الإنسان في الحياةِ الذي لا يَقتصر على حمايةِ وجودهِ المَادي فَحسب بَل يَمتد ليشمل حَقه بالتمتعِ بحياةٍ مُستقرةٍ داخل بُنيان إجتماعي أساسه التَضامن والتَكافل الإنساني وإستمرارية هذا الوجود من خلال العَيش في بيئةٍ سَليمةٍ وبجسدٍ مُعافى من الأوبئة والأمراض. وبهذا توصلت الدراسة الى أهم الإستنتاجات والتي منها، عَدم وجود تشريع قانون للطوارئ مُحدد بنصوصٍ وشروط وحالات لإعلانه، بالرغمِ من أن دستور جمهورية العراق النافذ لسنة 2005 قد نَص في المادة(61/تاسعا/ج) على ضرورة تشريعهِ، فضلاً عن إيراد مُصطلح الكارثة في نص المادة (370/2) من قانون العقوبات العراقي النافذ والذي يُمثّل الخطر الذي ينطوي تَحت مفهومه إنتشار الأوبئة، إلا أن تلك النتيجة تحتاج الى سُلطة القاضي التقديرية في تفسيرهِ للنصِ وتَحديد مَعناه لغوياً وصولاً لغايةِ المُشرع من جراءِ إستخدام لفظ الكارثة وما يَشمله من أخطار، كذلك عَدم قيام المشرع العراقي بالتمييزِ بين سُلطة القاضي التقديرية وحدودها في الظروفِ العادية عنها في الظروف الإستثنائية ومنها إنتشار الأوبئة سواء في تكييفِ الوقائع أو تقدير الأدلةِ أو تحديد العقوبة، وإنما يكون له تقدير ذلك بحسبِ الطرائق والوسائـل المُحددة قانونـاً وفي كل الأحوال على حدٍ سواء. وقد خلُصت الدراسة الى تقديمِ بعض المُقترحاتِ المُهمة المُتمثلة في إقتراحنا للمشرع العراقي بَتغييرِ كلمة الكارثة الواردة بنص المادة(370/2) من قانون العقوبات العراقي النافذ الى كلمةِ الخطر كونها أشمل واوسع فَهي تَضم الكَوارث الطبيعية والأخطار المُختلفة مَهما كان نَوعها ومَصدرها سَواء الطَبيعة أم التي تصدر عن الإنسان، وَحتى لا تترك مجالاً لسوءِ الفهم أو الخطأ في التفسير، كذلك إقترحنا إضافة فَقرة ثالثة لنصِ المادة(370) من قانون العقوبات العراقي النافذ تَتضمن تَشديد العُقوبة على جريمةِ الإمتناع عن إغاثة الملهوف التي يَتم إرتكابها في ظلِ الظروف الإستثنائية لخلو القانون من هكذا تَشديد، فضلاً عن ضرورةِ إصدار قانون للطوارئ إستناداً لنصِ المادة (61/تاسعا/ج) من دستور جمهورية العراق النافذ لسنة 2005 يتم فيه تَحديد الأحوال التي تَستدعي إعلان حَالة الطوارئ كذلك تَحديد آلية إعلان حالة الطوارئ والمناطق المَشمولة بها والتأكيد على تحديدِ الأحكام والقوانين التي يَتم مُمارستها وتَطبيقها أثناء فَرض حالة الطوارئ لتجنبِ التَعسف في إستخدامِ القانون من قبلِ السُلطة وبما لا يَمس حُقوق الإنسان وحُرياتــه الأساسيــة ولا سيما الحق في الحياة.

 

اترك تعليقاً