You are currently viewing أطروحة دكتوراه  / عادل خضير

أطروحة دكتوراه / عادل خضير

اعلام المكتبة المركزية / المهندس مهند 

 

المستخلص 

 

 فطالَما شَغلتني فكرة اختيار موضوع قديم جدير بالدراسة برؤية حديثة ومعاصرة، فوقع اختياري على شعر الغزل العذريّ الأُمَوي، بوصفه عيّنة البحث، فوجدتُ أنَّ القراءات السياقية قد أحاطتْ به بمقابل إهمالها النص الشعري  الذي دفع الدراسات النقدية إلى توجيه الدراسة في داخل النص ، فكانت دراسة الطاهر لبيب (سوسيولوجيا الغزل العذريّ) الانطلاقة الأولى لإخراج النص العذريّ الأُمَوي من القراءات السياقية إلى البنيوية التكوينية معتمدًا على منهج لوسيان غولدمان وبعد هذهِ الدراسات التي تمثلت بالعناية بالمؤلف ، والنصّ ، لم يبقَ سوى عنصر التلقي العنصر الفعال الثالث، فوجدتُ أنَّ محاولة تطبيق (نظرية القراءة والتلقي) نهجـًا في الدراسة؛ للبحث عن أبعاد التلقي وتأويل النص الشعري العذري الأموي ستكون ذات نتائج مبتكرة، فيسر الله أنْ يكون العنوان (شعر الغزل العذريّ في العصر الأُمَوي دراسة في ضوء نظرية التلقي)؛ لأنَّ لا أحد من النقاد والباحثين المعاصرين ومن قبلهم المحدثين تعرّض إلى تطبيق التلقي على شعر الغزل العذريّ في العصر الأُمَوي ؛ إذ إنَّ التلقي يتماهى مع التأويل ومع القبول الجماعي في وقت واحد وبما يعزّز سيطرة المَسْرُود على السارد خلافـًا لما كان سابقـًا من سيطرة السارد على المَسْرُود، فالتلقي بشَر بجعل المتلقي مقدمـًا على النصّ والناصِّ في آنٍ واحد.

       ويجعل التلقي النص مرتبطاً في نهايته بالمتلقي، خارجـًا عن سيطرة الكاتب أو الشاعر وسطوتها؛ لأنَّ مُنشئَهُ قصد أن يقدمه لمتلقيه فبطلت علاقته بهِ في حين جمهور المتلقين هم الأساس في مؤدى هذا النص ونهاياته على اختلاف مستويات التلقي.

       وبعد تحديد النظرية اخترت الشّعراء العذريين الذين سيكونون ميدان الدراسة ، فوقع اختياري على (أعلام شعر الغزل العذريّ قيس بن ذريح ، وقيس بن الملوح ، وجميل بثينة ، وكُثَيّر عزة) ، وأيضًا بقية الشعراء الذين كان غزلهم عذريـًا (توبة بن الحمير ، وليلى الاخليلية ، وابو صخر الهُذْلي ، والصمّة القشيري ، وعروة بن أذينة ، وابن الدّمينة).

       وقد عثرت على دراسات كثيرة عالجت الغزل العذري وحللته منها :

  1. تطور الغزل بين الجاهلية والإسلام ، د. شكري فيصل.
  2. الحب العذريّ نشأته وتطوره ، د. أحمد عبد الستار الجواري .
  3. في الشعر الإسلامي والأُمَوي ، عبد القادر القط.
  4. في الحب والحب العذريّ ، د. صادق جلال العظم.
  5. سوسيولوجيا الغزل العذريّ ، الغزل العذريّ نموذجاً ، د. طاهر لبيب.

       على أنَّ هؤلاء جميعهم لم يقدموا أيَّ معالجة لها علاقة بتلقي الغزل العذريّ ، وقد واجهتني كثرة المصادر والمراجع لا قِلتها على أنني لم أجد بين يدي من المصادر والمراجع ومواقع الشابكة الإلكترونية ومقالات من حدد العلاقة القرائية بين المتلقي وشعر الغزل العذريّ في العصر الأُمَوي.

       وقد حاولت إجراء التلقي على شعر الغزل العذريّ الأُمَوي في حدود العلاقة بين آليات التلقي وظواهر الغزل العذريّ الأُمَوي وبواطنه الذي كان ولا يزال فنـًا ماتعـًا من فنون الرومانسية العربية التي تحتاج لفهم الكيفية التي تلّقاها المتلقوّن وقرأها القراء من القدماء والمحدثين، قراءة تجعل تلقي الغزل العذريّ الأُمَوي شكلاً شبه واحد يؤسس لنظرة رومانسية لشعر هذا العصر . اقتضت متطلبات الأطروحة  الخطة الآتية :

       التمهيد : وفيه درست نظرية التلقي بين المفاهيم و المقولات وبينت رؤية (ياوس) في جمالية التلقي ورؤية (آيزر) في جمالية التأثير ودرست نظرية استجابة القارئ الأمريكية ودرست معنى شعر الغزل العذريّ وحدودهوعرفت به وبينت حدوده.

       وفي الفصل الأول (أُفق التلقي) ، درست في مبحثين أُفق التلقي المتوقّع وأُفق التلقي غير المتوقّع ، وبينتُ أنَّ علاقة الشعراء بمحبوباتِهم تتسم بالعفّة, وهي لا تخرج عن الأُفق المتوقّع ثمَ أبرزت كيف أنَّ كسر المتوقع من مُتلقي الغزل العذريّ لم يخرج عن المتوقع نظرًا لتوحد المتوقّع وغير المتوقّع في القراءة النسقية التقليدية قديمًا وحديثـًا للغزل العذريّ الأُمَوي.

       وفي الفصل الثاني (الفسحة النّصيّة) ، درست في المبحث الأول الفجوة الفراغية وعلاقتها بالمسكوت عنه والمحكي عنه من فراغ محفور في بنية النص العذريّ الأُمَوي، ثمَ درست بُنية الفراغ القائم على التأويل في المبحث الثاني وبينتُ حاجة النص الفراغي العذريّ لتأويلات يقوم بها الشعر نفسه.

       وفي الفصل الثالث (القارئ وأنماط التلقي) ، اختص المبحث الأول بالقراءة والقارئ الحقيقي ثم اختص المبحث الثاني بالقارئ الضمني أو الافتراضي وعلاقته التفاعلية الافتراضية بالنص الغزلي العذريّ الأُمَوي.

       ثم خرجتُ بجملة من النتائج التي كانت في مجملها تخلص إلى نتيجة جامعة يمكن أن أُسميها الثمرة ومؤداها أنَّ تطبيق التلقي بأصولهِ وفروعهِ على شعر الغزل العذريّ الأُمَوي يتحدد بجعله غزلاً عذريـًا خالصًا ، بما يخالف حتى أفق غير المُتَوَقّع حينما يُخالف الشاعر العذريّ المُتَوَقّع ويكسِرَهُ، وهذا الحدّ هو أنَّ كل شعر الغزل العذريّ الأُمَوي ينحو بأهدافهِ ومضامينه نحو معنى العفة.

       وقد أفادت الدراسة من مجموعة من المصادر والمراجع، أبرزها: كتاب(الأغاني) للأصفهاني ، و(الزّهرة ) للأصبهاني، و(فعل القراءة) آيزر، ونظرية التلقي مقدمة نظرية (لروبرت هولب) وغيرها من المصادر التي أسهمت بإغناء الدراسة.

اترك تعليقاً