أطروحة دكتوراه كاظم محي / بعنوان:التّقييدُ فـي الأَحكَامِ النَّحويّةِ عِندَ أبي        حَيَّانِ الأندلسيِّ(ت:745هـ)

المستخلص

      فإنَّ التقييد بوصفه مفهومًا أصوليًا يعدّ موضوعًا بكرًا في البحث النحويّ، فلا تكاد تجد،له ذكرًا،عند،النحويّين،سوى،إشـارات،في، كتـب،أصول،النحو،أمّا،مسائله، التّفصيلية،فقد جاءت متناثرة،لا تـشفي،غلـيلاً،،فضلً عن أنّه لم يحظَ بالدراسة المستفيضة في الدرس النحويّ،الحديث، فجاءت هذه الدراسة للاطلاع على مدى حضور مفهوم التقييد في الحكم النحويّ عند النحاة، وبما،أنّه،مصطلح، فقهي([1])،تسعى الدراسة للكشف عن،المصطلحات الفقهية في النحو،العربيّ، وعند أبي حيّان خاصة، ثم،الوقوف،على هذا الإجراء النحويّ عند أبي حيّان، وحضور،التقييد في أحكامه النّحويّة ردًا وقبولًا، ووصفًا ومعيارًا.

        وتهدف الدراسة إلى بيان أثر التقييد في،النحو،العربي؛،إذ سيظهر،جليًا بعد الاستقراء، والبحث،والتمحيص،في،المؤلفات،النحويّة،،كثرة،مجيء،هذا،المصطلح،سواءٌ،أ،كان،في،المنطوق ،أم في المفهوم، وقد استعملهما،النحويّون،بالوظيفتين؛ لأغراض كثيرة أهمها: تحقيق الآراء،النحويّة،سواءٌ أ كانت،موافقة أم مخالفة،من جهة،إطلاقها أوتقييدها، وتوجيه المصطلحات النحويّة ليكون جامعًا مانعًا. ودراسة التقييد بهذا الأسلوب تعدّ من الدراسات الحديثة التي تتوقف عند جزئیات مهمة في الدرس النحوي.

       ممّا يقرب من دراستي من عنوانات فلم أجد سوى بحثين الأول بعنوان (الإطلاق والتقييد في النحو العربي) للدكتور خير الدين فتاح عيسى القاسمي المنشور في مجلة الفراهيدي، والثاني: (ظاهرة التقييد في ألفية ابن مالك) للدكتور سعود بن أحمد المنيع المنشور في مجلة مجلة العلوم العربية والإنسانية جامعة القصيم، أمّا العنوانات الخاصة بالإطلاق والتقييد مثل الجملة الاسمية بين الإطلاق والتقييد (رأي وتصنيف) للدكتور محمد حماسة، وغيرها من الرسائل والأطاريح الموسومة بالتقييد في المنصوبات، أو التقييد بالتوابع، وغيرهها، فهي في مضمار آخر بعيد عن دراستي، فمضمارها التركيب، والجملة العربية، ودراستي في سياق الحكم النحوي والبون شاسع بين هذا وذاك.

      قال الدكتور محمد حماسة موضحًا التقييد في الجملة الإسمية: ((فجملة مثل (اللهُ غفورٌ رحيمٌ) جملةٌ مطلقةٌ،وإذا قلنا:( كان الله غفورًا رحيمًا) أو(إنّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ) فإنّها تصبح جملة اسمية مقيدة؛لأن كلًّا من الناسخين المقيدين (كان) و(إنّ) قد انصب على المبتدأ والخبر معًا))([2])،وجاء في رسالة التقييد بالمفعولات في القرآن الكريم،((وقد اجتمع المطلق والمقيد بالمفعول به،في قوله تعالى:ﱩ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ * ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﱨ[ العلق: 1-2]. إن(خلق) الأولى تعني إسناد الخلق للباري عز وجل، إنَّه خالق كلّ شيء أي خالق الخلق  جميعًا.أما كلمة(خلق)الثانية{ﮛ ﮜ }،فقد خصصت  خلق الله تعالى بالإنسان))([3]).

       أما موضوع بحثي فيخص الحكم النحويّ المقيد، مثاله ما جاء في شرح أبي حيّان قول ٱبن مالك: ((وتنوبُ الواو عن الضمة، والألفُ عن الفتحة، والياءُ عن الكسرة، فيما أضيف إلى غير ياء المتكلم من (أبٍ)، و(أخٍ)، و(حَمٍ)، غيرَ مُماثِلٍ (قَرْوًا) و(قرءًا) و(خَطَأَ)، و(فَمٍ) بلا

ميم))([4])، قال أبو حيّان : (( وقوله : (غيرَ مُماثِلٍ) هذا القيدٌ في ( حم ) خاصة، فإذا ماثل شيئًا من موازنة كان إعرابه بالحركات الظاهرة كإعرابه، فتقول:( هذا حَمْوُكَ ) و( حَمْؤُكَ و حَمَؤُكَ، وقوله: ( وفمٍ بلا ميمٍ) هو معطوف على قوله: ( من أب وأخ وحم) وداخل في قيد ما أضيف إلى غير متكلم، فيشمل ذلك إضافته إلى الظاهر وإلى المضمر غير الياء…))([5]).

       وينتظم عقد هذه الدراسة في ثلاثة فصول، يسبقها تمهيد، وتعقبها خاتمة.

       أمَّا الفصل الأول فقد ٱنعقد على دراسة (منهج أبي حيّان في تقييد الأحكام النّحويّة)، وقد قسّمته على ثلاثة مباحث كان الأول: أُسس منهجه في تقييد الأحكام النّحويّة، والثاني: المؤثرات النّقليّة والعقليّة في تقييد أحكامه ، والثالث: مذهبه النحويّ .

      أمَّا الفصل الثاني فعُني بدراسة (التقييد في الحَدِّ النحويّ)، وٱشتمل على ثلاثة مباحث خصّصتُ الأول: للتقييد في حدود أقسام الكلامِ، والثاني: للتّقييد فِي حدودِ المرفوعات، والثالث: للتقييد في حدِّ المنصوبات، أما التقييد في المجرورات فلم أجد قيودًا لها تؤلف مبحثًا؛ لذلك لم افرد لها مبحثًا .    

       أمَّا الفصل الثالث فقد تناولت فيه (  التَّقْيِيد في أقسام الكلام  )، ٱشتمل على ثلاثة مباحث، الأول: التَّقْيِيد في الحالات الإعرابية للأسماء، والثاني: التَّقْيِيد في الأفعال، والثالث: التَّقْيِيد في الحروف.   

       وختمت البحث بخاتمة ضمّت خلاصة ما توصلتُ إليه من نتائج، وتبعت ذلك بثبت للمصادر والمراجع التي ٱعتمدت عليها ، مرتبة ترتيبًا هجائيًا  .

       وقد آثرت عدم الحديث عن سيرة أبي حيَّان الأندلسي ومصنفاته؛ لكثرة الدراسات الَّتي

تناولت المؤَلِف ومؤلَفاته، ويقينًا أنَّ البحث الرصين يبدأ من حيث ينتهي الآخرون، وأبو حيَّان وكتبه غنيان عن التعريف، ويمكن للقرائ الكريم أن يراجع اطروحة الدكتوراه الموسومة بـ (القضايا النحوية في البحر المحيط لأبي حيّان الاندلسي في الربع الثاني من القرآن الكريم) للباحث جاد السيد دفع الله عبد اللطيف من ص43- ص48.

       وقد سلكت المنهج الوصفيّ مرة، والمنهج التأريخي مرة أخرى؛ لأنِّي عرضت قيود الحدّ النحوي عرضًا تأريخيًا وصولًا إلى تقييد أبي حيّان، ثم وازنت بين ما قيَّده أبو حيّان في الحكم النحوي وبين أساتيذه من جهة، وبين مَن جاء بعده من جهة أخرى.


[1]– ينظر : معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية: 484.

[2]– الجملة الاسمية بين الإطلاق والتقييد (رأي وتصنيف) ، مجلة مجمع اللغة العربية ، مج 70،ج1، جمادى الاولى 1416ه- نوفانبر1995م: 154.

[3]– التقييد بالمفعولات في القرآن الكريم: (أطروحة دكتوراه): 20.

[4]– تسهيل الفوائد :1/43.  

[5]– التذييل والتكميل : 1/159.

اترك تعليقاً