You are currently viewing أطروحة دكتوراه سمر مثنى / بعنوان: جَريدةُ النُّور العراقيَّة ١٩٦٨ ــ ١٩٧٤دراسة تاريخية

أطروحة دكتوراه سمر مثنى / بعنوان: جَريدةُ النُّور العراقيَّة ١٩٦٨ ــ ١٩٧٤دراسة تاريخية

المستخلص

         تُعَدُّ ‏الصحافةُ ‏واحدة من مصادر التاريخ ‏المهمًّة لدراسة أحوال العراق، ‏فهي نتاج أفكار أبنائها، وسجل تاريخهم؛ نظرًا ‏لما لها من أهمية في كشف الأحداث التاريخية وتطورها وتسليط الضوء عليها وفق منظور ‏يلتمس مفرداته ‏من وحي الشارع العراقي ‏فعُدَّت بذلك ‏المرآة ‏التي عكست النشاط السياسي والاجتماعي ‏للشعوب وعبَّرت عن فعاليات المجتمع كافة من فنون وأدب ورياضة واقتصاد؛ ‏لأنها  مهنة قائمة على جمع الأخبار وتحليلها والتحقّق من مصادرها وتقديمها للجمهور وغالبًا ‏ما تكون تلك الأخبار متعلقة بمستجدات ‏الأحداث على الساحة السياسية أو المحلية والثقافية ‏فهي وسيلة للتواصل بين أفراد المجتمعات والتعرف على أخبارهم ‏وأنشطتهم بما يخدم ‏الفكر الإنساني ‏مما جعلها ‏تقدَّم رسالة إنسانية للشعوب باختلاف ألسنتهم وثقافاتهم، ولعمق تلك الرسالة التي تحملها ‏السلطة الرابعة كان لابد على ممتهني الصحافة أن يضعوا نصب أعينهم ‏انتماءاتهم السياسية في كتاباتهم وآرائهم ‏الأمر الذي لزم علينا التمحيص والتحليل فيما يُكتَب في تلك الأوراق ومقارنتها بالحقائق التي ‏تخبؤها الوثائق والمصادر ‏بين طياتها.

      ‏ ‏كان للصحافة الكُردية تأريخٌ مهمٌّ مكمِّلٌ لتاريخ الصحافة في العراق وسجل حافل تفاعل بموضوعية وجرأة مع مجمل الأحداث التي مرَّ بها العراق؛ إذ أدى صحفيوها دورًا بارزًا في تعميق أواصر الأخوَّة العربية والكُردية وعبَّرت بشفافية عن تطلعات الشعب العراقي عمومًا والكُردي على وجه الخصوص.

      ‏كانت جريدة النور واحدة من الجرائد الكُردية الصادرة في بغداد خلال الأعوام (١٩٦٨-١٩٧٤) والمميزة في تاريخ الصحافة الكُردية؛ لأنها كانت متنفسًا للتعبير عن آراء جناح المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكُردستاني  والذي ضمّ جلال طالباني وإبراهيم أحمد، وعمر مصطفى حتى اكتسبت شهرةً واسعةً جعلتها بذلك أحد أفضل جرائد عصرها رواجًا بين القرَّاء، فضلًا عن أنَّها خَدَمت القضية الكُردية من خلال كشف جوانب غامضة عن موقف الشارع الكُردي من التطورات التي شهدتها الساحة السياسية خلال مدة صدورها وما رافق تلك المدة من صراعات حزبية سياسية ألقت بظلالها على كُتَّابها فراحوا يدوّنون الحوادث التاريخية من منظور الواقع المحيط بهم آنذاك، ويُبوّبون المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية حتى فسروا ما عاناه الشارع الكردي ، مثلما جابهت الجريدة الأحداث السياسية الداخلية الأمر الذي أوقعها في مشكلات وصلت إلى حد إغلاقها وسحب امتيازها مما جعلها تمارس  نشاطها بصورة سرية.

      وفي موضوع الدراسة هذه قد يتبادر في ذهن القارئ عددٌ من الأسئلة ومنها: في أيِّ صنف أو جهة ممكن أن نضع جريدة النور؟ وما هي أهم القضايا التي ساندتها، وفي الوقت نفسه القضايا التي جابهتها ؟ وما موقفها من الحكومة المركزية آنذاك؟ وهل خدمت بمقالاتها القضية الكُردية أم كانت لسانًا معبرًا عن آراء جميع القوميات والأديان؟ وما السبب الذي قادها إلى أن تتحوَّل إلى العمل السري في بيروت؟ وهل سارت على نهج ووتيرة واحدة طوال أعدادها الـ(٤٤١) مع اختلاف محرريها واختلاف أفكارهم وآرائهم؟ هذه الأسئلة وغيرها ممكن التعرف على إجابتها عن طريق دراستنا هذه أو الإرشاد للوصول إليها على أقل تقدير.

      جاء عنوان الدراسة (جريدة النور العراقية 1968-1974 دراسة تاريخية)؛ لإضافة دراسة جديدة إلى ما كُتب عن الصحافة الكُردية ودورها في توضيح مجريات الأحداث على الساحة الكُردية وتوضيح أثر الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الواقع المحلي من خلال أقلام كُتَّابها، فضلًا عن معرفة نشأة الجريدة وميولها، ومن المفيد أن نشير إلى استخدام المنهج التاريخي لرصد أعداد جريدة النور ووضعها في ميزان التحليل والتمحيص قدر المستطاع ومقارنة آراء كُتَّابها مع باقي الآراء التي استعرَضَتْها الصحف الأخرىمثل كتابات جريدة التاخي ، وركَّزت الدراسة أيضًا على توضيح موقف جريدة النور من الموضوعات التي مست الشأن الداخلي للبيت الكُردي والعراقي وبمختلف النواحي سواء كانت السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية،  مما جعل الباحثة تستند إلى أساس عرض القضايا الداخلية بشكل موجز لتوخّي الفائدة المنشودة ومن ثم بيان موقف جريدة النور من تلك القضايا واستقراء مضمون أعداد الجريدة ومقالاتها الافتتاحية وأعمدتها الثابتة وتبويبها وتحليلها على وفق المنهج التاريخي العلمي.

       اقتضت  منهجية  الدّراسة تقسيمها على أربعة فصولٍ مسبوقةٍ بمقدّمةٍ ومشفوعةٍ بخاتمة، وضَّح الفصلُ الأول: (تأسيس جريدة النور وكُتّابها)، تناول من خلاله التعرف بالصحافة الكُردية منذ نشأتها حتى صدور جريدة النور، فضلًا عن التكوين الاجتماعي، والثقافي، والسياسي لمحرري الجريدة وكُتّابها.

         أَمّا الفصل الثاني فجاء بعنوان: ( رؤية جريدة النور للاحداث التأريخية والموقف منها ١٢ تشرين الثاني ١٩٦٨-٣١ كانون الأول ١٩٦٨)؛ والذي سُلَّط الضوء من خلاله على الحركات القومية الكُردية في العهد العثماني، وكانت حركة بدرخان (١٨٤٢-١٨٤٧) وعبيدالله النهري (١٨٧٩-١٨٨١)، من أُولى الحركات التي تطرقت إليها الجريدة متَّجهةً إِلى تفسير أسباب انتفاضة ٦ أيلول ١٩٣٠ في السليمانية وبيان مطالب الكُرد والتي تجسدت ببيان ٢٩ حزيران الذي قادت  بعض بنوده إلى تأسيس جامعة السليمانية التي أضافت تطورًا ملحوظًا مَسَّ واقع الطلبة التعليمي في كُردستان العراق  عمومًا مُختتمة الفصل الثاني بموقف الجريدة من الموضوعات الشعرية وقضايا النفط .

         تضمّن الفصل الثالث: (كتابات جريدة النور في المجالات السياسية والاجتماعية ١ كانون الثاني ١٩٦٩-٣١ كانون الأول ١٩٦٩)  استعراض سياسة عبدالكريم قاسم تجاه الحزب الديمقراطي الكُردستاني وموقفه من أحداث أيلول ١٩٦١، ورؤية الجريدة إزاء الحزب الشيوعي العراقي، ومن ثمَُّ توجّه كُتَّابها إلى تفسير مكانة المرأة في المجتمع، فضلًا عن دور الجريدة في توضيح النشاط الفضائي السوفيتي، وأخيرًا وليس آخرًا متابعتها لنشاط الطلبة الكُرد.

         فيما كُرّس الفصل الرابع والأخير : ( لبيان رؤية جريدة النور لأهم القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية ١ كانون الثاني ١٩٧٠-٢٩كانون الثاني ١٩٧٤) لدراسة موقف جريدة النور من وضع الفلَّاح وتطبيق قانون الإصلاح الزراعي، ورأي الجريدة في عقد الاتفاقيات مع الدول الاشتراكية في مجال التعاون الاقتصادي والفني،  مثلما عبّرت الجريدة عن ترحيبها ببيان ١١ آذار ١٩٧٠ ومنح الاستقلال الذاتي للكُرد والعواقب التي ألقت بظلالها على جريدة النور فعرَّضتها للإغلاق من جرَّاء مساندتها للبيان، كما أثنت الجريدة على خطوات عبدالستار طاهر شريف وجهوده المضنية في إعادة فتحها سرًّا في لبنان، إلَّا أنَّ عَقَبَة التمويل حالت دون استمرارها مما أدى إلى إغلاقها وإسدال الستار عليها، ثمَّ تلت الفصول خاتمة توصَّلتُ  إِلى أهم الاستنتاجات بعد تقويم الحقائق التي وردت في فصول الدراسة.

        اعتمدتْ الدّراسة على عِدَّة مصادر بمختلف الأنواع يمكن ملاحظتها عن طريق الهوامش وقائمة المصادر، كانَ من بينها أعداد جريدة النور (موضوع الدّراسة) منذ تأسيسها حتّى عام ١٩٧٤، عُدّت الركن الأساس الذي استندت إليه الدراسة  وعثرتُ على جزء منها في دار الكتب والوثائق والجزء الآخر فيما يخص الأعداد السريَّة كانت في مؤسسة ژين من العدد(٤٣١-٤٤١)، فضلًا عن مجموعة من المصادر ذات الصلة بالموضوع أتت في مقدمتها الوثائق غير المنشورة، منها: ملفات البلاط الملكي التي زودت الدّراسة بعددٍ من الوثائق وأسهمت في توضيح مجريات الأحداث السياسية تم  الحصول عليها من دار الكتب والوثائق في بغداد، مثلما كانَ لملفات وزارتي الداخلية والخارجية العراقيَّتين رافدًا مهمًّا أغنى الدّراسة بالمعلومات، مثلما أفدنا من ملفات وزارة الإعلام التي وضَّحت موافقة الوزارة على طلب حلمي علي شريف لإصدار جريدة النور في عام ١٩٦٨ وملفات وزارة المواصلات، ووزارة الأنباء، إضافةً إلى ملفات مجلس الأعيان.

      كما أسهمت وثائق وزارة الخارجية البريطانية في توضيح ما أبهم في العديد من الجوانب في موضوع الدراسة، وتم من خلالها الكشف عن الكثير من الحقائق والمعلومات المتعلقة بالمواضيع التي تناولتها جريدة النور وكان من أهمها :

 F.O, 1019/1 , Political Sttuation in Iraq , No , 37 Confidental , Part 5  1952. (الوضع السياسي في العراق) والتي فسَّرت الوضع السياسي في أثناء مدة الدراسة ، وحصلت عليها الباحثة من الأستاذ الدكتور مؤيد إبراهيم الونداوي.

       كانت الوثائق المنشورة أحد أهم المصادر التي ساعدت في إلقاء الضوء على جوانب غير قليلة في دراستنا هذه ؛ إذ فسَّرت مضامين بيان ١١ آذار ١٩٧٠ وتأسيس جامعة السليمانية وقرارات الحكومة العراقية فيما يخص قانون الإصلاح الزراعي، وكان لكتب المذكرات فائدة كبيرة على الرغم من أنها تعبر عن وجهة نظر شخصية، وكان لأصحابها رأيٌ تجاه الأحداث التي تابعتها الجريدة عن كثب حينئذ، وكان منها كتاب صلاح رشيد “حوار العمر” ، ومذكرات الرئيس جلال طالباني، ومذكرات عبدالله عباس الكاتب في جريدة النور.

       أسهمت عددٌ من الرسائل الجامعية والأطاريح التي لها علاقة بالدراسة برسم الأبعاد الرئيسة لبعض جوانبها والتي تخص كُتَّاب جريدة النور والمواضيع التي تابعتها الجريدة وجاءت في مقدمتها رسالة الطالبة  نوروز ياسين المعنونة ( حلمي علي شريف ودوره السياسي)، ورسالة الباحث أركان حمه أمين رشيد الزرداوي الموسومة ( نشأة وعلاقة الحزب الديمقراطي الكُردستاني مع الحكومات والأحزاب السياسية العراقية للمدة من 1946 لغاية 2003)، ورسالة الباحثة آيات أحمد عبدالوهاب (جامعة السليمانية (١٩٦٨-١٩٩٢)، ورسالة بشار نعيم علي (جريدة الزمان وموقفها من التطورات السياسية الداخلية في العراق).

          أَمّا المصادر العربيّة والمترجمة فعُدّت جزءًا مهمًّا رفدَ مباحث الدّراسة بمعلومات قيِّمة، يأتي في مقدمتها مؤلفات فائق بطي التي قدَّمت معلومات مهمة أفادت في توضيح سير الخطوات الصحفية، وكتاب كمال مظهر أحمد (صفحات من تاريخ العراق)، ومؤلفات عبدالرحمن إدريس صالح( الشيخ محمود الحفيد)، فضلًا عن استناد الدّراسة إِلى بعض مؤلفات خالد حبيب الراوي ومنها (تاريخ الصحافة والإعلام)، ومنير بكر التكريتي( الصحافة العراقيّة واتجاهاتها السياسية)، كما اعتمدت بعض فصول الدراسة ومباحثها على بعض مؤلفات رفائيل بطي منها:( تاريخ الصحافة العراقية، والصحافة في المنفى)، فضلًا عن كتاب الصحافة اليسارية لذياب فهد الطائي أمدَّت الدّراسة بمعلومات صحفية مهمة،( ولكتاب العراق في التقارير البريطانية) لمؤيد الونداوي أَثرٌ لا يُنكر في تفسير بعض الأحداث والمواقف التي رافقت الباحثة في دراستها.

       كما زوّدت الكتب الكُردية الدّراسة بمعلومات مفيدة منها: (عەبدوللا زەنگەنە، ژيانەوە  وشوينی لەروژنامە نووسی کوريدا (١٩٢٤-١٩٢٦)، ( عبدالله زنكنه، تاريخ انبعاث الصحافة الكردية) و کەمال مەزهەر ئەحمەد، تيگە يشتی راستی شوينی لە روژنامە نوسی کورديرا( كمال مظهر احمد ، تيكة يشتي راستي ) ، فضلًا عن الكتب الكُردية المترجمة إلى اللغة العربية ومنها كتاب جبار محمد جباري، تأريخ الصحافة الكوردية في العراق.

‏       وكان للبحوث والمقالات المنشورة في الكثير من المجلات والجرائد العراقية أهمية كبيرة؛ إذ أسهمت برفد الدراسة بالكثير من المعلومات القيمة ولا سيما كان قد أعدّها باحثون مختصّون معاصرون امتازوا بالدقة والأمانة كان منهم صباح موسى علي موجز (تاريخ الصحافة الكُردية)، وطارق مجيد تقي( موقف الحزب الشيوعي العراقي من الجبهة الوطنية التقدمية 1968-1973) وبحث غسان متعب الهيتي، وعلي غازي أحمد الردَّام (العلاقة بين عبدالكريم قاسم والحزب الديمقراطي الكُردستاني).

     شكّلت الصحف والمجلات ركنًا أساسيًّا للدراسة، ولاسِيَّمَا جريدة الوقائع العراقيّة، والزمان، والشعب، وصدى الأهالي، والتآخي، والوقائع، والجمهورية، والثورة، وخەبات (النضال). ‏       كما مدَّت المقابلات والمكالمات الشخصيةعن طريق وسائل التواصل الاجتماعي الدراسة ما أُبهم على المصادر تفسيره ومنها: سبب اختيار مكان جريدة النور، وسبب تسميتها وموردها المادي، يأتي في مقدمتها مقابلة مع كمال محي الدين أحد محرري جريدة النور، ومكالمة هاتفية مع الدكتور محمود عثمان، ومكالمة هاتفية مع الدكتورة سلوى زكّو الكاتبة في الجريدة، كما اقتصر استخدام الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت) على موقعين محددين يمكن ملاحظتهما عن طريق قائمة المصادر.

اترك تعليقاً