المستخلص
مما لاشك فيه أن الدراسة في صدر الاسلام تعد من أكثر حقول المعرفة التاريخية التي تناولتها أقلام الباحثين بالبحث العلمي وهذا الأمر دفعني الى أن أتجاوز هذه العقبة وأذهب في اتجاه أكثر حداثة وطريق أقل سلوكاً والخوض في غمار تفاصيل كتب الطبقات والتراجم والسير والمغازي وكتب التاريخ في محاولة للحصول على الشخصيات التي اختارها الإمام عليu آبان فترة عصره ، ووضعهم كل حسب اختصاصه ومؤهلاته التي يمتلكها، ومن ثم معرفة دورهم وأثرهم على الحياة العامة ومن جوانب عدة سواء كالاجتماعية أو السياسية والعسكرية أو الادارية والاقتصادية أو الدينية والعلمية .
ومن هنا فأن في اختيار الامام علي u لهذه الطبقة من الصحابة والتابعين بما فيه اختياره لزواجاته ( رضي الله تعالى عنهن)، يعد اختياراً له معنى كبير من خلاله أظهار الحكمة والفراسة التي كان يمتلكها في انتقائه للأشخاص واختيارهم لحمل هذه الرسالة العظيمة وتبليغها للناس كافة.
وأن مما لاشك فيه أيضاً، بأن هذ الاختيارات ومنذ لبنتها الأولى قامت على قاعدة أساسية أعتمدها الامام علي u لتكون منطلقاً في ذلك الانتقاء والاختيار، وهي وضع الرجل المناسب في المكان والزمان المناسبين، وفي جوانب الحياة كافة سواء الاجتماعية أو الدينية أو الادارية أو الاقتصادية أو العسكرية منها أو السياسية، وهذا ما أظهره أولئك الصحابة والتابعين فأثبتوا بأنهم كانوا عند حسن ظن الامام علي u بهم وبمستوى تحمل المسؤولية، وهذا ما تجلى فعله فيما فبذلوه وقدموه من الغالي والنفيس والتضحية والفداء، وتحمل المخاطر والمشاق، في سبيل الله سبحانه وتعالى من أجل نشر الدين الإسلامي وتبليغه ، وإرساء تعاليمه وترسيخها في المجتمع الإسلامي خاصتاً وأن هذه التعاليم كانوا يستلهمونها ويأخذونها من الامام عليu والحفاظ على وحدة وتماسك الدولة العربية الإسلامية.
ثانياً:- أسباب اختيار الموضوع:
لا يفوتني الذكر بأن هنالك العديد من الأسباب والدوافع التي حدت بي لدراسة موضوع كهذا يأتي في مقدمتها :
1- الرغبة الشديدة لدراسة كتب السيرة النبوية الشريفة والخلافة الراشدة في جانب اختيارات الامام u متمثلةً باختياره u لزوجاته وللصحابة الأبرار ومن التابعين الاخيار ، الذين اختارهم الامام علي u في جوانب الحياة المتعددة.
2- من خلال بحثي في المكتبات العراقية ، والعربية والرسائل والأطاريح الخاصة بالسيرة النبوية ، لم أجد موضوعاً يخص اختيارات الامام علي u على ما فيه من أهمية دينية واجتماعية واداريه وسياسية ، لذلك بحثت في بطون الكتب ومصادر السيرة والتاريخ وكتب التراجم والطبقات فوجدتوا ان هنالك للإمام عليu اختيارات متعدده في جوانب ومجالات حياته المختلفة ، لذلك رأيت من الضروري ان ابرز وأظهر هذه الشخصيات في أطروحة علمية ، فكان هذا الإختيار لهذا الموضوع ..
4- استنباط الدروس والعبر من خلال هذا الموضوع، وذلك عن طريق الاقتداء بما فعله الامام علي u في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وهذا ما تنعكس نتائجه الإيجابية لصالح المجتمع وتطوره.
وهذا ما دفعني إلى اختياره موضوعاً لبحثي، الذي حمل عنوان (اختيارات الإمام بن ابي طالب”عليه السلام” دراسة تاريخية تحليلية).
أما بالنسبة الى أهم الصعوبات التي عانى منها الباحث فهي كثيرة، يأتي في مقدمتها تناثر المادة بين المصادر الأولية وتشعبها، وكثرة التراجم الخاصة بالأشخاص الذين اختارهم الامام عليu، أضف إلى ذلك سعة المادة وشمولها لجميع جوانب الحياة المتعددة، الأمر الذي كان يحتاج الى جهد استثنائي وتنوع في قراءة المصادر سواء كانت كتب الطبقات والتراجم، والسيرة والمغازي والتاريخ العام ، كل ذلك وبفضل الله استطعت ان اتجاوز بها من العمل ليلاً ونهاراً من أجل الحصول على المعلومة التأريخية ، ولا شك ان الباحث عن سيرة الصحابة والتابعين يحتاج الى الدقة في نقل المروية التأريخية ذلك بسبب كثرة الحواث وتعدد الروايات واختلافها في بعض الأحيان للموقعة الواحدة في فترة خلافة الامام علي u ، ولهذه الأسباب فقد نحتاج الى تدقيق بالبحث، فهناك عدة صحابة أو أكثر من تابعي في الموقع الواحد، فكان عليَّ ان أثني المروية واثلث كما هو مؤشر في أتون الأطروحة.
أما بالنسبة للمشاكل التي واجهتني فإني عكس الباحثين لم أعانِ من قلة المصادر وإنما عانيت من كثرتها وغزارة المعلومات وتبعثرها , مما دفعني لبذل جهد مضاعف من أجل تنقية هذه المعلومات ووضعها في محلها الصحيح بعيداً عن الشك والريبة , لذلك حاولت أنا ومشرفتي الفاضلة الأستاذ المساعد الدكتور (مها عبد الرحمن حسين) أن نعطي إهتمام بالغ الأهمية لإختيارات الامام عليu والتأكد من كل مروية لأي حادثة أو مناسة ذكر فيها الإختيار وتبيان دورهم وأثرهم المضيء في عصر الإمام عليu.