المستخلص
إنّ دراسة تمثلات المُدن ضمن الفضاء الروائي في الأدب بشكل عام والسرد بشكل خاص، يحتاج إلى دراسة عينّة من النصوص ضمن رؤى متعددة، وهذه الخصوصية يمكن أنْ تتوفر في بغداد بوصفها مهد الحضارة العربية وما لها من حضور واسع في مختلف القصص والحكايات، ومنها ذاع صيت قصص (ألف ليلة وليلة)، فضلاً عن كونها تمتلك مؤهلات السرد المديني من ثقافة وجغرافية وقوة اقتصادية وعلمية ، وأمتدت هذه المؤهلات منذ أيام الحكم العباسي، وصولاً إلى قُبيْل سقوُطها في عام 2003، على يد المحتل الأمريكي، لتشهد الساحة الأدبية نقطة تحول نحوبغداد لتصوير النظام الكولنيالي الجديد، وما يحمله من واقع مأزوم ومعاناة لا تعشق النهاية، وبذلك أتجه الأدباء لتصوير تلك الأحداث كل حسب قدرته الإبداعية، مركزًا على بعض الزوايا المظلمة لما سيفرزه المحتل من سموم تعصف في المجتمع ، وعليه يمكن القول أنّ ما شجعني على اختيار موضوع الدراسة، الذي حمل عنوان) صورة بغداد في الرواية العربية(، واعتمدت في ذلك على الروايات العربية حصرًا، للكشف على صورة بغداد في مخيلة الروائي العربي ورؤاه، ورصد تلك الرؤى والتصورات وما تحمله من دلالة وشفرات لصورة المدينة(بغداد)، وستكون عينّة الدراسة الروايات التي انتجت من عام( 2003-2020)، والصورة في هذه الرسالة تشكيل لغوي سردي يجمع ما في بغداد من حوارات وشخصيات والفضاء السردي ليعطي صورتها الحقيقية وأتبعت في هذه الرسالة آليات الدراسات الثقافية ، كونها منفتحة على جميع المناهج النقدية، للكشف عن تلك الشفرات وما تحمله من دلالة، وأمّا فيما يخص الدراسات السابقة فلم أجد دراسة أكاديمية متخصصة بحثت عن ، ورة بغداد في الرواية العربية، وما موجود ما هو الاّ مقالات في الصحف والمجلات، أفدت منها في دراستي، فضلاَ عن الروايات التي مثلت عينّة الدراسة، فجاءت رسالتي ضمن مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول وخاتمة فجاء التمهيد تنظيرًا لمفهوم، في البحث عن صورة الذات وعلاقتها بالآخر، والبحث في الأدب الكولونيالي والتمثلات الثقافية، والكشف عن صورة المستعمر وربطها(بعلاقة الرواية العراقية بالمدينة)، وكيف أثّرت ثقافة المدن وعلاقتها بتشكل المكان الروائي في نسج النص السردي،إذ أصبح هذا النوع كائنًا مدينيًاوبذلك تشكلت العتبة الأولى للدخول إلى تفاصيل الدراسة، فوسم الفصل الأول بعنوان( تاريخ بغداد في الروايات العربية) متضمنًا نصوصًا دلت على عمق الثقافة، التي وسمت بها (بغداد)، وشّكلت قبلة للمثقفين من شتى أنحاء الأرض، فكان ذلك ضمن مبحثين، فالمبحث الأول(صورة بغداد وأهميتها في الدرس الثقافي) عبر العصور بدءًا من العصر العباسي، وحركة الترجمة والأنفتاح الثقافي على الحضارات الأخرى وتتبع صورها في التراث، أمّاالمبحث الثاني فركز الدراسة على (سيميولوجية بغداد الثقافية، بين التاريخ والمعاصرة) وما يحمله اسم (بغداد) من دلالة تضرب في عمق التاريخ، كونها كانت مهد الحضارات التي علمت البشرية الكتابة وسن القوانين، لذا فإنّ هذا الاسم يشّد المتلقي للغوص في أي كتاب أو رواية، لما تمثله من أسترجاعات تاريخية، أمّا الفصل الثاني فعنّونته( بـصورة بغداد بعد الأحتلال)، إذ شهد تحولات كثيرة، أستنادًا للنصوص التي نقلت صور بغداد عبر التأريخ، وصولاً لما بعد الاحتلال(2003)، فكان ضمن مبحثين، أماالمبحث