المستخلص
تعد دراسة الجوانب الاجتماعية في أي دولة وأي عصر من الدراسات المهمة، إذ تعد المظاهر الاجتماعية جزء مهم من النظام الاجتماعي والسياسي للبلد، فأن الباحث الذي يريد إن يتصدى إلى دراسة مثل هذه الجوانب الاجتماعية لابد أن يتسع خياله البحثي والعلمي في فهم التاريخ بمعناه الشامل وأن يغلب عليه التنوع في دراسة موضوعاته المختلفة ، ومن هنا تبرز أهمية دراسة الحياة الاجتماعية، إذ أنها تعد من أهم ركائز حياة المجتمع ، لأنها تعطي صورة واضحة عن التواصل والفعاليات الاجتماعية المتنوعة من عادات وتقاليد وقيم ومعتقدات باعتبارها محورا كبيراً وأساساً في دراسة حياة الانسان.
وبناء على ما تقدم نرى من المهم على الباحث التاريخي إن يولي اهتماماً كبيراً في دراسة هذا الجانب من حياة الإنسان ، لاسيما إذا ما تم الاعتماد على مصادر شكلت المادة التاريخية إن يكون مطلعاً على المصادر الأخرى من غير كتب التاريخ للاستفادة منها في دراسة نمط الحياة الاجتماعية والادارية لاسيما منها كتب الحديث فهي تعد من أصدق الكتب بعد كتاب الله تعإلى ، إذ تضم في طياتها معلومات علمية غنية بالجوانب الاجتماعية والإدارية وهذا ما يدعو الباحث التاريخي للركون إليها في دراسة الحياة الاجتماعية والاستفادة منها، وفي ضوء هذه المعطيات وقع اختيارنا على دراسة الحياة الاجتماعية والإدارية في كتاب المستطرف في كل فن مستظرف للابشيهي (ت850ه-1446م)، فهو كتاب قد احتوى على الأعمال والأقوال والنيات الصالحة والحسنة، وأيضاً الأعمال الفاسدة والأقوال والنيات الفاسدة، وانطلاقاً مما تقدم كان أحد أسباب اختيار موضوعنا، إذ تولدت لنا لدينا القناعة بإمكانية استجلاء الحياة الاجتماعية من كتب الادب ومن هنا تبدو أهمية دراستنا في تسليط الضوء على دراسة الحياة الاجتماعية والادارية من خلال كتاب المستطرف في كل فن مستظرف للأبشيهي، ونأمل أن تضيف هذه الدراسة معلومات مهمة يمكن أن تكون مصدراً من مصادر دراسة الحياة الاجتماعية في المكتبة العربية الاسلامية، وبحسب اطلاعنا وطوال مدة البحث لم نجد من كتب عن هذا العنوان أو من خلال هذا الكتاب ما يتشابه من الجوانب الذي سوف نتناولها ، حتى إن وجدت فهي بعيدة عن موضوعنا لا تمت بصلة له، الا كانت هناك دراسة بينت فترة غير الفترة التي اقدمت على دراستها هي(كتاب المتسطرف للابشيهي مصدرا لدراسة الحياة الاجتماعية في الدولة الاسلامية من سنة (1هـ حتى نهاية العصر الاموي سنة 132هـ)، لم تخلوا الدراسة من صعوبات أملتها طبيعة الدراسة ولعل من أبرزها شحة المعلومات التي تطرقت إلى سيرة الأبشيهي ، ومن الصعوبات الأخرى سعة جوانب الموضوع وتداخل المعلومات فيما بينها مما حتم علينا في كثير من الأحيان تتبع الجوانب الاجتماعية وفصلها عن الجوانب الأخرى .
واقتضت طبيعة تقسيم الرسالة إلى ثلاث فصول سبقتها مقدمة تطرقنا فيها لأهمية الموضوع وتحليل لأهم المصادر والمراجع وتلتها خاتمة أجملنا فيها أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة وأعقبها قائمة المصادر والمراجع وملخص باللغة الانكليزية .
جاء الفصل الأول بعنوان (حياة الأبشيهي وعصره) ، وتضمن المبحث الأول حياته من حيث اسمه ونسبه وكنيته وولادته ونشأته وأسرته وصفاته ومذهبه وعلمه وابرز شيوخه ومؤلفاته وعصره ، ودرسنا في المبحث الثاني أهمية كتاب المستطرف ومنهجيته وموارده .
أما الفصل الثاني : فقد خصص لدراسة المظاهر الاجتماعية السائدة في المجتمع من خلال كتاب المستطرف في كل فن مستظرف ، وتم تقسيمه إلى ثلاث مباحث ، درسنا في المبحث الأول طبقات المجتمع في الحياة الاجتماعية، فمنها الطبقة الخاصة الحاكمة من حيث الخلفاء والوزراء والسلاطين ، والطبقة العامة منها التجار والحرف والمهن والعبيد ، أما المبحث الثاني فتضمن العادات الحسنة وهي الوفاء بالعهد والكرم وحسن الاعتذار، والعادات السيئة منها النميمة والحسد والبخل والوقاحة والطيرة والمتنبئين والعرافة ، أما المبحث الثالث: فشمل الأطعمة والأشربة والملابس والهدايا .
والفصل الثالث تناول الجوانب الادارية ، فشمل المبحث الأول الوزارة ، والمبحث الثاني القضاء والحجابة والرشوة ، أما المبحث الثالث : فشمل الدواوين ، منها ديوان الصدقة ، وديوان الخراج ، وديوان الجزية ، وديوان الجند.
