المستخلص
فإِنَّ العناية بالعلم من أعظم ما يقوم بهِ الإنسان فيه، تنور ظُلمات العقول، ونعمل بقيم الرسول (r)، ونجافي الرذول؛ فكُلّ مطلب إِلى جانبه يصغر، وكلّ صعب معهُ يهون، وإِنَّ خيرَ هذه العلوم وأسماها، علم النحو؛ ففيه يستقيم اللسان، وإِنَّ أَبرز ما كُتِبَ فيه؛ لذلك فإِنَّي اخترت أَنْ اكتب في ظاهرة من ظواهره، وهي: (ظاهرة التعدي واللزوم عند المحدثين).
تُعدُّ ظاهرة التعدي واللزوم من الظواهر المفصلية التي يحفل بها التركيب العربيّ؛ كونه يمثّل ركنًا أساسيًا في جوهر العلاقة بين الفعل ومعمولاته، وَلأَنَّ الفعل يُعَدُّ قسمًا بارزًا من أقسام الكلام العربيّ لا يمكن الاستغناء عنه في تحقيق علاقات الإسناد الفعلي، وَلأَنَّ المحدثين اعتنوا بهذه الظاهرة اعتناءً ملفتًا، بوساطة ما قدّموه من دراسات وأبحاث أكاديمية وغير أكاديمية في دراسة هذه الظاهرة؛ فقد وقع اختياري على هذه الفكرة، لتكون مدار بحثي في الدكتوراه؛ لسعة الموضوع، وَلأَنَّه يقدّم فكر المحدثين وقراءاتهم وفهمهم لظاهرة التعدي واللزوم، في محاولة لإلقاء الضوء على مواطن التجديد لديهم في هذا الموضوع.
وَمِمَّا لا يخفى أَنَّهُ لا يمكن دراسة هذه الفكرة بمعزل عن الفكر النحوي المتقدّم؛ كون هذهِ الظاهرة نالت حظًا بارزًا عند القدماء، فضلًا عَمَّا قدّموه من دراسات وأفكار ناضجة تناولتُ تفصيلاته؛ ولذلك جاءت دراستي لجهود المحدثين مقرونة بجهود القدماء، مع مراعاة سبق القدماء في هذا العمل.
وقد بنيت فصول البحث في ضوء المحاور التي تناولها المحدثون في دراساتهم لظاهرة التعدي واللزوم؛ فقسمتُ الأطروحة بناء على ما تقدّم على: تمهيد وثلاثة فصول، جاء التمهيد بعنوان: (ظاهرة التعدي واللزوم عند المحدثين – قراءة وصفية في اتجاهات التأليف)، تناولتُ فيه الدراسات الخاصة بالموضوع، مع ذكر أَبرز ما توصلت إليه هذه الدراسات، أَمّا الفصل الأَوّل فجاء بعنوان: (مفاهيم تأسيسية)، وقد قسمته على ثلاثة مباحث، كان الأَوّل بعنوان: (مفهوم الفعل المتعدي والفعل اللازم)، والثاني عنوانه: (التعدي واللزوم في رؤية تاريخية)، أَمّا الثالث فعنوانه: (معايير التمييز بين المتعدي واللازم)، وقد درست في الفصل الثاني: (ضوابط المتعدي واللازم)، وقسمته على ثلاثة مباحث، تناول المبحث الأَوّل: (اشتراطات لزوم الفعل)، والثَّاني: (ضوابط اشتقاق الأسماء من المتعدي واللازم)، أَمّا الثالث فعنوانه: (ما يتعدى إليه الفعل)، وقد وُسِمَ الفصل الثالث بـ(وسائل تعدية الفعل)، وقسمتهُ على مبحثين، تناول المبحث الأَوّل: (أثر البنية الصرفية في تعدي الفعل ولزومه)، أَمّا الثاني فعنونته بـ(أثر الوظيفة النحوية في تعدي الفعل ولزومه).