اعلام المكتبة المركزية / المهندس مهند
المستخلص
فإنَّ الصرف يُعدُّ مستوى من أهم مستويات اللغة لكون العربية لغة اشتقاقية قائمة على توليد الكلمة من الكلمة، مما يؤدي إلى زيادة ثراء اللغة فوق ثرائها، فإذا امتلك العربي هذا العدد الهائل من الجذور اللغوية من جهة، وامتلك إمكانية تصريفها وتغيير بنيتها فإننا سنحصل على كم هائل من المفردات التي لا يمكن معها إلا أن نقف على شطآن الذهول والحيرة من هذا الغنى بالمفردات الذي لا يدانيه غنى في أي لغة أخرى.ولما كان القرآن هو خروجًا عن لغتهم المألوفة أي لغة الشعر، ومنظم لحياتهم فكان لا بُدّ من دراسة مفرداته وتفسيره باعتباره الدستور، وكانت عناية العلماء منصبة في الحفاظ عليه من اللحن والتحريف.فاللغة العربية هي لغة الجمال، وكيف لا تكون كذلك وهي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم على خاتم الأنبياء، وسيد المرسلين، وهذا ما ميز به العرب عن العجم. ولما كان الصرف العربي مكملًا للنحو؛ فكان لا بُدّ من دراسة مفرداته لذلك كان الاختيار أن تكون الدراسة في الصرف وكان طرح الموضوع من اختيار الدكتور علي عبدالله، لذلك كانت الدراسة في أحد التفاسير للقرآن، وكان من بين هذه التفاسير تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (745ه)، ونظرًا إلى أهمية هذا التفسير؛ لما فيه من مادة غنية من معانٍ وشرحٍ وإعرابٍ فكانت الدراسة منصبة على الجانب التحويلي فيه دون غيره من الجوانب الثرية التي يحتويها. وأَمَّا سبب اختيار مصطلح التحويل فمع كثرة المصطلحات التي جاءت دالّة على هذا المعنى – كما سنوضح إن شاء الله تعالى في التمهيد – وذلك لأَنَّ هذا المصطلح كما ذكر الدكتور محمود سليمان ياقوت في كتابه (التحويل في الصيغ الصرفية) على أَنَّهُ مختص بالصرف. ولو رجعنا إلى الكتب الصرفية لوجدنا أَنَّ العلماء قد وضعوا حدًّا للصرف أو التصريف هو بمعنى التحويل، وذلك بوساطة تحويل الأصل الواحد إلى أصول مختلفة، وهذه الأصول تكون لمعانٍ مقصودة.وعلى الرغم من صعوبات البحث والاستقصاء للمادة لسعة البحر المحيط وكثرة النقل من التفاسير السابقة التي اعتمد عليها أبو حيان في تفسيره فكان في بعض الأحيان يشير إلى النقل، وبعضهم الآخر لا يشير، فكان من الصعب تمييز رأيه عن آراء غيره من المفسرين. وارتأيت بالاتفاق مع مشرفي السابق الأستاذ الدكتور علي العنبكي بعد جمع المادة وجردها أن ندرس التحويل في المصدر واسم الفاعل واسم المفعول وصيغة فعيل لكثرة التحويل في هذه المشتقات، وبعض الأبنية التي ارتأينا أن نجمعها في فصل واحد لقلة شواهد كل واحد منها. وبعد جمع المادة اقتضت خطة البحث تقسيمها على النحو الآتي: تمهيد وخمسة فصول وخاتمة تسبقه هذه المقدمة، مشفوعًا بمسرد المصادر والمراجع. فأَمَّا التمهيد فقد ذكرت فيه التحويل لغة واصطلاحا، وتنوع المصطلح عند القدماء والمحدثين. والفصل الأول تضمن التحويل في أبنية المصدر، والمبحث الأول منه: المصدر بمعنى اسم الفاعل، والمبحث الثاني: المصدر بمعنى اسم المفعول. والفصل الثاني: التحويل في أبنية اسم الفاعل، والمبحث الأول منه: التحويل في فاعل، والمبحث الثاني: التحويل في فاعلة. والفصل الثالث: التحويل في أبنية اسم المفعول، التعريف باسم المفعول ثم المبحث الأول: المفعول بمعنى الفاعل، والمبحث الثاني: اسم المفعول بمعنى المصدر. أما الفصل الرابع فقد جاء بعنوان: التحويل في أبنية فعيل، والمبحث الأول منه: فعيل بمعنى اسم الفاعل، والمبحث الثاني: فعيل بمعنى اسم المفعول. وأما الفصل الخامس فقد جاء بعنوان: التحويل في الأبنية الأخرى، المبحث الأول: أبنية بمعنى المفعول، والمبحث الثاني: فعول بمعنى مفعول، ثم بعد ذلك الخاتمة التي ضمنت فيها نتائج البحث. ومن أهم المصادر التي تم الإفادة منها: دراسات لأسلوب القرآن، تأليف: عبد الخالق عضيمة، ظاهرة التحويل في الصيغ الصرفية للدكتور محمد سليمان ياقوت، الأبنية الصرفية في البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي للدكتورة ناهية عبدالكريم القزاز. كما تجدر الإشارة إلى أطروحتين للدكتوراه، إحداهما في كلية الآداب في جامعة الموصل قسم اللغة العربية تناول فيها العدول الصرفي في القرآن الكريم (دراسة دلالية) هلال علي الجحيشي، والثانية قدمت إلى كلية الآداب جامعة بغداد بعنوان: الأبنية الدالة على اسم الفاعل في القرآن الكريم دراسة دلالية أفراح عبد علي الخياط.