You are currently viewing أطروحة دكتوراه  / حمزه حسين عبدالله

أطروحة دكتوراه / حمزه حسين عبدالله

اعلام المكتبة المركزية / المهندس مهند 

المقدمة 

 

ان اللغة نشأت في أحضان المجتمع، فهي ادت غرض التبليغ والتواصل بين البشر؛ لذلك كانت محل دراسة وعناية وتحليل؛ من أجل كشف أسرارها ، وسبر أغوارها ومعرفة كنوزها، فحظيت بنصيب وافر من العناية من لدن المتخصصين في هذا المجال منذ القدم، وقد كانت الجُملة في بداية هذا البحث اللساني بؤرة العناية، ومركز الدوران، وعدتْ الوحدة الأساس للدراسة، ولاسِيَّمَا عند أصحاب النظريات اللسانية البنيوية والتوليدية التحويلية؛ لكن العناية الشديدة باللّغة والتطور الحاصل في الحياة العلمية في العلوم جميعها أحدث قفرة نوعية في هذا الجانب، ونقل محورية الدراسة والبحث الساني إلى درجة أعلى مِمَّا كانت عليه، ولاسِيَّمَا قبل أربعة عقود من الزمن تقريبًا ، فتجاوز محورية الجُملة في الدراسة ؛ لما شملته هذه الأخيرة من النقائض؛ إذ لا يمكن دراسة المعنى منفصلًا عن سياقه اللساني في البنية اللّغويّة الكبرى للنصّ. ومن هذا المنطق نشأ علم جديد يُعنى بدراسة النصوص وتحليلها وهو ما يعرف اليوم ب ـ(لسانيات النص)، هذا العلم يبحث في تماسك النصوص وتعالقها؛ حتّى يكون وحدة كليّة تؤدي أغراضا معينة في مقامات تبليغية محددة؛ فانطلقت النداءات بضرورة الخروج من بوتقة التحليل على مستوى الجُملة إلى التحليل على مستوى أكبر هو التحليل على مستوى النصّ ،انطلقت من الإحساس القوي بأَنَّ نحو الجُملة لم يعد كافيًا لإشباع حاجة المحلل اللّغويّ؛ إذ إِنَّ تحليل الجُمل لا يقدّم من النتائج ما يقدمه تحليل النص، وما يقدمه النصّ يمثل المعنى الكُليّ؛ في حين الذي تقدّمه الجُملة يمثل جزءًا فقط من المعنى العام؛ وهذا ما يجعلنا نطرح نحو الجُملة خلفنا؛ لأَنَّهُ كما يمثل الحرف نواة الكلمة، والكلمة نواة الجُملة، فكذلك الجُملة تمثل نواة النص؛ فالنص هو متتاليات من الجُمل في الأغلب بصرف النظر عن كونه جُملة واحدة أو كلمة واحدة. وقد مثلت رغبة الباحث في دراسة (خطب الإمام الحسن بن الإمام علي عليهما السّلام دراسة في ضوء لسانيات النص)؛ ذلك لأَنَّ الإمام الحسن (عليه السّلام) نور من أنوار آل مُحَمَّد ،وكُلّ نور منهم قُرآن ناطق كان مصداقًا للقُرآن الكريم في سلمه وحربه، وفي حله وترحاله ،وفي ذهابه ومجيئه، وفي قيامه وقعوده ،وفي سره وإعلانه، وفيما تمتم به شفتاه وما يختلج في جنباته؛ فكان (عليه السّلام) مصداقًا لكتاب الله العزيز في كُلّ ما صدر عنه، وأَنَّهُ مثل القُرآن الكريم ما دام حيا، وشخصية تتحلى بهذه الحلية لا بُدّ من أَنْ يقتدي بها. والباحث في دراسته لخطب  الامام الحسن (عليه السلام) هذه لا يحاول أَنْ يثبت أَنَّه نصّ أم لا فهذا محسوم سلفًا؛ بلّ يحاول الكشف عن وسائل الاتساق والانسجام ، التي أدت إلى تماسكه الشكلي، مما أفاد في البُعد الدلالي، وأبقت له أثره عند متلقيه على الرغم من اختلافهم على مرّ الزمن. وقد اقتصر الباحث على معياري الاتساق والانسجام في دراسته النصية هذه دون تناول بقية المعايير الأخرى ذلك لأن الاتساق والانسجام من أهم المسائل التي طرحتها لسانيات ما بعد الجملة, ومن أهم القضايا التي لقيت اهتماما كبيرا من علماء العرب والمسلمين في دراستهم للنص القرآني والنصوص الادبية وشغلت كذلك المستشرقين ، فالاتساق أحد المصطلحات المحورية التي تندرج في مجال لسانيات النص ،اذ انه يخص التماسك البنائي الشكلي ، مركز اهتمامه البنية السطحية الظاهرية التي تبحث في الترابط الشكلي للنصوص، مما يمكن الباحث للغوص في أعماق النص والبحث في خفاياه التي تسهم في ترابطه من جهة المعاني والافكار المتواجدة فيه،  وهذا ما يبحث فيه الانسجام الذي يتضافر مع معيار الاتساق في تحقيق التماسك الكلي للنص على المستوى السطحي (اللغوي ) وعلى المستوى العميق (الدلالي) ،فالترابط الدلالي للنص مكمل لترابطه الشكلي ونقطة وصول الى تماسكه الكلي ؛لأن النص عندما يكون مترابطا من الناحية الشكلية ولا يكون مترابطا من الناحية الفكرية نقول أن نصيته لم تكتمل ،وهذا ما أكده سعيد حسن بحيري في كتابه (علم لغة النص)([1])؛ كون الاتساق يعطينا نظرة شاملة حول التماسك السطحي للنص والانسجام من جهة اهتمامه العلاقات الخفية والترابطات الدلالية التي توصلنا الى عالم النص ووحدته الكلية ،فالاتساق والانسجام يراهما الباحث وجهان لعملة واحدة لا قيمة لوجهها الاول(الاتساق) الا بحضور الثاني والذي هو الانسجام وهذ كله يتأتى بتوافر أدوات الانسجام النصي المختلفة كالسياق وعلاقاته الاجمالية والتاويل وغيرها، وهذا ما أغنى الباحث للتطرق الى بقية المعايير ،وكذلك جاءت دراسة الباحث لمعياري الاتساق والانسجام في خطب الامام الحسن بن علي (عليهما السلام) ؛ ذلك لأن الدراسات السابقة لهذه الدراسة قد تناولت بقية المعايير النصية في كلام واقوال الامام الحسن (عليه السلام) بشيء من التفصيل ,فجاءت هذه الدراسة مختلفة عن بقية الدراسات السابقة التي لم تركز كثيرا على وسائل الاتساق والانسجام التي أدت الى تماسك النص الشكلي مما أفاد في البعد الدلالي التي أبقت للنص(الخطبة) أثره عند متلقيه على الرغم من اختلافهم على مر الزمن . أمَّا بالنسبة للدراسات السابقة، التي سبقت هذه الدراسة فمنها:

  1. كلام الامام الحسن(عليه السلام) دراسة نصية, مسلم فاضل عباس ,اطروحة دكتوراه ,جامعة بغداد كلية الاداب,2021م.
  2. اقوال الامام الحسن (عليه السلام) دراسة تداولية , مطشر جاسم محمد السهلاني , رسالة ماجستير, جامعة ذي قار, كلية التربية للعلوم الانسانية,2017م
  3. خطب الامام الحسن(عليه السلام) دراسة لغوية في ضوء المناسبة للدكتور مهدي صالح سلطان، مركز الإمام الحسن (عليه السّلام) للدراسات التخصصية، النجف الأشرف، ط1، 2020م
  4. خطب الإمام الحسن (عليه السّلام)، جمع ودراسة، للدكتور رباب صالح حسين، الجامعة المستنصرية (كتاب صغير).
  5.  الانسجام وأدواته في خطب الإمام الحسن)عليه السّلام) للدكتورة رفاه عبدالحسين مهدي الفتلاوي، جامعة الكوفة ‘كليّة الفقه، (بحث صغير).
  6. أسلوب الالتفات في خطب الإمام الحسن بن علي (عليهما السّلام) للدكتورة حوراء غازي عناد السّلامي، مركز الإمام الحسن (عليه السّلام)للدراسات التخصصية، النجف الاشرف، 2018 م (بحث صغير).
  7. الرسائل والوصايا في نهج البلاغة دراسة في ضوء علم لغة النصّ، ورود سعدون عبد، أطروحة دكتوراه، جامعة القادسية، كليّة الآداب، العراق 2016م.
  8. المعايير النصّية في مقامات الزمخشري، أسماء صائب مُحَمَّد الكناني، رسالة ماجستير، كليّة الآداب، جامعة بغداد، 2014م.
  9. المعايير النصّية في السور القُرآنية، دراسة تطبيقية مقارنة، يسرى إبراهيم نوفل، رسالة دكتوراه، كليّة الآداب، جامعة طنطا، مصر، 2014م. وغيرها من المصادر، التي يمكن ذكرتها في قائمة المصادر، و التي أفدت منها كثيرا في دراستي هذه، ومن الله العون والتوفيق.

 

 

اترك تعليقاً