تُعد خدمتي الماء والكهرباء من أساسيات الإستقرار البشري وتكوين المستوطنات البشرية في عصرنا الحالي في أي مكان على وجه الأرض، إذ يعدان من الحاجات الأساسية التي لا يُمكن للإنسان الإستغناء عنها لإرتباطها بجميع مظاهر الحياة العصرية بها ارتباطاً لا بديل عنه، فخلال جميع مراحل التاريخ أقام الأنسان تجمعاتهُ السكنية على ضفاف الأنهار، إذ نشأت المستوطنات البشرية الأولى منذ ما قبل العصر الحجري القديم فقد إقيمت الحضارات على ضفاف دجلة والفرات من بلاد ما بين النهرين التي توصف بأنها “بداية الحضارة الإنسانية” وكذلك الحضارة المصرية على ضفاف النيل و حضارة الهند على أنهار الكنج و السند، والحضارة الصينية على النهر الهوانكهو ، والحضارات الأفريقية على ضفاف نهر الكونغو، إذ بدأت الحضارة بتجمعات قبلية توسعت إلى القرى ثم المدن و توسعت اكثر فأصبحت دولاً وعندما توسعت هذه المجموعات البشرية و تطورت حياة أفرادها ظهرت إحتياجات إخرى للسكان تمثلت بحاجة الإنسان للطاقة بكافة أشكالها كوسيلة لتسهيل أعماله اليومية و توفير متطلباتهُ الرئيسة و تساعدهُ في صنع غذائه فأستطاع الإنسان إيقاد النار اولاً ،ثم إستخدم الأخشاب و الفحم و الوقود الإحفوري كوسيلة لطهي غذائهُ و تدفئتهُ و إنارة طريقهُ ثم بعدها إستخدم الكهرباء كمصدر للطاقة وتُعد من أهم الإختراعات البشرية لما تقدمهُ من خدمات متنوعة في مجالات مُتعددة .
ويمكننا القول إن الإنسان لا يستطيع العيش دون خدمتي الماء و الكهرباء في أي مكان في العالم، اذ تُعد الخدمتين من ضروريات الحياة العصرية ولكنها لا تتوفر بشكل متساوي وكافي في جميع دول العالم، وذلك بسبب التفاوت في نوعية و كفاءة تقديم الخدمة و مدى توافرها فتختلف الخدمات في العاصمة عن المحافظات و في القضاء عن الناحية فتتوفر هذه الخدمات بشكل كبير و كفوء في المدن الحديثة ذات التنظيم و التخطيط الأساسي المتطور و الذي يراعي الإحتياجات اليومية للسكان والنمو السكاني المستقبلي و التي تعتمد على معايير تخطيطية مناسبة، كما ويختلف تقديم خدمتي الماء و الكهرباء في الحضر عن الريف وفي أغلب دول العالم النامي، اذ تُعاني الأرياف من نقص واضح في الخدمات سواء إن كانت خدمات مجتمعية أو غيرها بسبب سوء الإدارة و التخطيط لان الإهتمام يكون بصورة رئيسة في المدن مقارنة بالريف ومن مبدأ العدالة في توزيع الخدمات بالكمية و النوعية توزيعاً يتلاءم مع كثافة و متطلبات السكان و يحقق التنمية الإجتماعية و الاقتصادية، لذا جاءت فكرة هذه الدراسة التوزيع المكاني لخدمتي الماء و الكهرباء في ريف ناحية المنصورية كأول دراسة جغرافية في الناحية تختص بهاتين الخدم ين.