You are currently viewing رسالة ماجستير / عائشة مهدي

رسالة ماجستير / عائشة مهدي

اعلام المكتبة المركزية / المهندس مهند 

 

المستخلص 

 

تعد الأسوار في كل الحضارات المدنية عنصر مهم من عناصر التخطيط الحضري والعمراني ، لحماية أي نسيج مجتمعي ( خاص أو عام ) مدني كان ام عسكري ؛ فهو دليل مادي صارخ على تأثير الأسوار في صنع تاريخ المدن ، وضرورة ملحة للحفاظ على مكتسباتها (توسعها ، وتطورها) امام المخاطر الخارجية ، والتهديدات التي قد تتعرض لها لا سيما بأوقات الحروب .  لقد لوحظ بشكل عام استمرار العناية ببناء أسوار المدن منذ العصور التاريخية القديمة وحتى القرن الثاني عشر الهجري / الثامن عشر الميلادي ! وهنا يأتي التساؤل : عن القيمة والأهمية لأسوار المدن من الناحية التاريخية والحضارية طوال مدة الخمسة قرون ونيف للعصر العباسي ؟ لا ريب ان الشغف والعناية بالدراسة التاريخية ، والحضارية ، هو السبب الاول وراء الرغبة الحقيقية للوصول الى أكبر قدر ممكن من الحقائق المثيرة والمعلومات الدقيقة ، لأية جزئية حضارية مسترجعة من الماضي  ، بغية رسم صورة قريبة لواقع العصر المزمع دراسته ، مما قد تساعد في فهم روح هذا العصر .كما وإن من أبرز غايات الرسالة هي تتبع التسلسل التاريخي لبناء الاسوار في العصر العباسي منها عوامل واسباب بناء أسوار المدن وتاريخها وطبيعة مواد البناء وظروفه وتطور هندسته في العالم الإسلامي ولا سيما بالعصر العباسي ، وبيان مدى نسبة تأثرها بأشكال وهندسة أسوار مدن الحضارات التي كانت قائمة في بيئتها ، مثل حضارات : وادي الرافدين(الأكدية ، والبابلية ، والآشورية ، والحضر) ، ووادي النيل(حضارة الفراعنة)، وبلاد عيلام ، والفرس ، والساسانيين ، والحضارة النبطية( تدمر ، والبتراء) ، والحضارة العربية(بلاد نجد ، والحجاز ، واليمن السعيد) ، والحضارات الغربية (واليونانيين ، والرومان) فضلا عن الحضارة الإسلامية في عصورها الاولى(الرسالة ، والراشدي ، والأموي) شرقاً ، وغرباً . كان الحرص شديد أثناء اقرار العنوان ، ان تحدد المدة الزمنية بحيث يتم تغطية كل العصر العباسي ، بغية توضيح الفكرة واكتمال صورتها ، واقصى ما يمكن الوصول اليه بأبعادها عبر جمع أكبر قدر ممكن من الامثلة والنماذج التي تعزز هذا الغرض .  لا تاريخ من دون مصادر! ولا نصوص من دون توثيق ! ولذا فقد  أستقت الرسالة مادتها من مجموعة المصادر والمراجع المتنوعة التي شكلت قيمة عالية للرسالة ، ولكن ؛ لا مجال لذكرها كلها هنا ونكتفي بالإشارة الى  أبرزها ، ونخص بالذكر منها من بين الكتب التاريخية والجغرافية والرحلات والمعاجم والتراجم والسير ، فضلا عن المراجع والموسوعات في تاريخ الحضارات . فعلى سبيل المثال أورد لنا ابن الحائك الهمداني المتوفى سنة 334 ﻫـ/ 945 م بكتابه " صفة جزيرة العرب الكثير من المعلومات عن أسوار إقليم بلاد اليمن ، ومنها نذكر معلوماته عن سور مدينة صنعاء القديمة والذي بقي يشكل عنصر مهم للمدينة طوال مدة الخلافة العباسية .اما ابن حوقل المتوفى سنة 367 ﻫـ / 977م فيعد كتابه " صورة الارض " احد اهم المصادر التي تناولت اسوار المدن في جميع الأقاليم الإسلامية ، اذ استعرض بعض بناة الاسوار ، ومواد بناؤها واشكالها وعددها ، واجزاءها العمرانية المتمثلة بالأبواب والابراج  والمزاغل والشرفات وغير ذلك .فيما أدلى ناصر خسرو المتوفى سنة 481 ﻫـ / 1088 م في كتابه " سفر نامه " بمعلومات مستفيضة عن اسوار المدن في بعض الاقاليم الإسلامية ، ولاسيما اسوار مدن إقليمي مصر وبلاد الشام ؛ فوصف مواد البناء ، والمشيدين لها ، وذكر بعض مهندسيها ، والإشارة الى النفقات المالية التي صرفت عليها ، واشكالها ، وعددها ، واقسامها ، وغير ذلك .ونقل لنا أبن الجوزي المتوفى سنة 597 هــ / 1201 م بكتابيه " المنتظم في تاريخ الملوك والامم" ، و " مناقب بغداد " معلومات قيمة عن أسوار بغداد وبعض المدن الأخرى ، ومثله فعل أبن الاثير في مؤلفاته " الكامل في التاريخ " ، و" التاريخ الباهر في الدولة الاتابكية بالموصل " .  أما ياقوت الحموي المتوفى سنة 626 ﻫـ / 1228 م فقد جمع لنا في كتابه " معجم البلدان " كل خبر ورد اليه عن اسوار المدن في جميع الأقاليم الإسلامية ، وتاريخ بنائها ، واهم الأجزاء المعمارية فيها ، ومراسيم البناء وغير ذلك . فيما ترك لنا المقريزي المتوفى سنة 845 ﻫــ / 1441 م بكتابه " الخطط المقريزية " ، مادة واسعة عن اسوار المدن في إقليم مصر بالعصر العباسي ، لا سيما اسوار مدينتي القاهرة والإسكندرية ، فضلا عن تفصيلاته المعلوماتية لعدد من أسوار المدن المصرية القديمة . وكانت للمراجع أهمية لا تنكر مثل كتاب " الروض المعطار في خبر الأقطار" للحميري المتوفى سنة 900 ﻫـ / 1494 م ؛ فيمكن عده اكثر المراجع ذو قيمة في ذكر اسوار المدن في كل الأقاليم الإسلامية عامة وبلاد المغرب والأندلس خاصة ، بتناوله الاخبار التاريخية والحضارية التي تخصها .ولقد اتسم كتاب " المدن في الإسلام حتى العصر العثماني " لشاكر مصطفى بملاحظاته المتمعنة في نشأة اسوار المدن (العوامل – الأسباب) في العصور القديمة ، والإسلامية ، وتاريخ إنشائها ، ومواد بنائها ، واجزاءها .اما " موسوعة العمارة الفاطمية (الحربية – المدنية – الدينية) " لمحمد عبد الستار عثمان   فيمكن عده من ابرز المراجع التي ورد بها ذكر اسوار المدن الخاصة بالدولة الفاطمية في إقليمي مصر والمغرب ، ومثال ذلك اسوار مدينتي المهدية والقاهرة ، مثبتا بذلك كل ما يتعلق بإنشاء أسوارها ، وهندستها .وكذلك سلط كتاب" اسوار بغداد وتحصيناتها الدفاعية بغداد المدورة دار السلام 149ﻫـ/766 م " لإحسان اكرم زينل ، الضوء على اسوار مدن إقليم العراق عامة ، واسوار بغداد المدورة خاصة  حيث ذكر كل ما تعلق ببناء تلك الاسوار .قسمت الرسالة الى ثلاثة فصول ؛ فتناولت في الفصل الاول النشأة التاريخية لظاهرة أسوار المدن ، مبينة أصل التسمية باللغة العربية ، والبحث عن الأسباب ومجموعة العوامل لتي فرضت الاعتناء الشديد ببنائها على مر العصور التاريخية القديمة وصولا الى العصر العباسي . فيما ركز الفصل الثاني على المتطلبات الأساسية لبناء الأسوار واستعرضت أنواع مواد البناء وما يحتاجه الأنفاق المالي والأيدي العاملة وأشكال الدعم المعنوي . أما الفصل الثالث فقد بينت ملامح وطبيعة الهندسة المعمارية التي تمثلت في تقسيمات بدن الأسوار وأشكالها واعدادها وقياساتها .فيما تضمنت الخاتمة اهم الاستنتاجات التي توصلت لها ، وما يمكن ان يكون مسار مفيد لبحوث مستقبلية في مجال المدينة الإسلامية ، تخدم البحث العلمي التاريخي والحضاري .

اترك تعليقاً